الجمعة، 21 سبتمبر 2012

السَّقِيفَةُ وَفَدَكْ 9


السَّقِيفَةُ وَفَدَكْ
لأبي بكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهري البصري البغدادي
المتوفى ـ 323 هـ


اصدار
مكتبة نينوى الحديثة
طهران ناصر خسرو ـ مروي
تقديم وجمع وتحقيق
الدكتور محمد هادي الأميني

( 1 )

السَقّيفة وفَدكُ

لأبي بكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهري البصري البغدادي
المتوفى ـ 323هـ

رواية
عز الدين عبدالحميد بن أبي الحديد المعتزلي المتوفى 656


تقديم وجمع وتحقيق
الدكتور محمد هادي الأميني
1

 حدثنا أبو زيد عن الخرامي ، عن ابن وهب ، عن يونس عن ابن شهاب ، عن عبد الرحمن الأعرج انه سمع أبا هريرة يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : والذي نفسي بيده لا يقسم ورثتي شيئا ، ما تركت صدقة (1) قال : وكانت هذه الصدقة بيد علي عليه السلام ، غلب عليها العباس ، وكانت فيها خصومتها ، فأبى عمر أن يقسمها بينها حتى أعرض عنها العباس ، وغلب عليها علي عليه السلام ، ثم كانت بيد حسن ، وحسين أبني علي عليه السلام ، ثم كانت بيد علي بن الحسين عليه السلام ، والحسن بن الحسن كلاهما يتداولانها ، ثم بيد زيد بن علي عليه السلام (2).
 أخبرنا أبو زيد ، قال : حدثنا عثمان بن عمر بن فارس ، قال : حدثنا يونس ، عن الزهري ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ، أن عمر بن الخطاب دعاه يوما بعدما ارتفع النهار ، قال : فدخلت عليه وهو جالس على سرير رمال ليس بينه وبين الرمال فراش ، على وسادة أدم فقال : يا مالك ، انه قد قدم من قومك أهل أبيات حضروا المدينة ، وقد أمرت لهم برضخ (3) فاقسمه بينهم ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، مر بذلك غيري ، قال : اقسم ايها المرء .
 قال : فبينما نحن على ذلك إذ دخل يرفأ . فقال : هل لك في عثمان وسعد ، وعبد الرحمن ، والزبير ، يستاذنون عليك قال : نعم ، فأذن لهم ، قال : ثم لبث قليلا ثم جاء فقال : هل لك في علي ، والعباس ، يستأذنان عليكم ؟ قال : ائذن لهما ، فلما دخلا قال عباس : يا أمير المؤمنين اقضي بيني وبين هذا ـ يعني عليا ـ وهما يختصمان في الصوافي التي أفاء الله على رسوله من أموال بني النضير ، قال : 
____________
(1) اختلق أبو هريرة على النبي الأقدس ( ص ) احاديث كثيرة وكثيرة ، كان الباعث له على هذا الدس الرخيص أموال معاوية بن أبي سفيان ، وعلى اثر نجاحه في الكذب والاختلاق ولاه معاوية امارة المدينة .
(2) ابن أبي الحديد 16 : 221 .
(3) الرضخ هنا : المال .
(4) الصوافي : الأملاك الواسعة .

( 110 )

فاستب علي ، والعباس ، عند عمر ، فقال عبد الرحمن : يا أمير المؤمنين ، أقضي بينهما وارح أحدهما من الآخر ، فقال عمر : أنشدكم الله الذي تقوم بإذنه السموات والأرض ، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : لا نورث ما تركناه صدقة ، يعني نفسه ، قالوا : قد قال ذلك ، فأقبل على العباس ، وعلي فقال : أنشدكما الله هل تعلمان ذلك ؟ قال : نعم ، قال عمر : فاني أحدثكم عن هذا الأمر ، إن الله تبارك وتعالى خص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، في هذا الفئ بشيء لم يعطه غيره ، قال تعالى : ( ما أفاه الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير )(1) وكانت هذه خاصة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فما اختارها دونكم ، ولا استأثر بها عليكم ، لقد أعطاكموها وثبتها فيكم حتى بقي منها هذا المال ، وكان ينفق منه على أهله سنتهم ، ثم يأخذ ما بقي فيجعله فيما يجعل مال الله عز وجل ، فعل ذلك في حياته ثم توفي . فقال أبو بكر : أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقبضه الله وقد عمل فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وانتما حينئذ ، وألتفت الى علي ، والعباس تزعمان أن أبا بكر فيها ظالم فاجر فاجر ، والله يعلم أنه فيها لصادق باد راشد ، تابع للحق ، ثم توفى الله أبا بكر ، فقلت : أنا أولى الناس بأبي بكر وبرسوله الله صلى الله عليه وآله وسلم فقبضتهما سنتين ، أو قال سنين من امارتي ، أعمل فيها مثل ما عمل به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر : ثم قال : وانتما ، وأقبل على العباس ، وعلي ، تزعمان اني فيها ظالم فاجر ، والله يعلم اني فيها باد راشد ، تابع للحق ثم جئتما في وكلمتكما واحدة وأمركما جميع فجئتني ـ يعني العباس ـ تسألني نصيبك من ابن أخيك ، وجاءني في هذا ـ يعني عليا ـ يسألني نصيب امرأته من أبيها ، فقلت لكما : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : لا نورث مما تركناه صدقة ، فلما بدا لي 
____________
(1) سورة الحشر : 6 .
(2) من أين جاءت هذه الأولوية الى عمر بن الخطاب دون غيره من الصحابة ؟

( 111 )

أن أدفعها اليكما (1) قلت : أدفعها على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأبو بكر ، وبما عملت به فيها ، والا فلا تكلماني ، فقلتما : ادفعها الينا بذلك ، فدفعتهما اليكما بذلك ، أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك ، والله الذي تقوم بإذنه السموات والأرض لا أقضي بينكما بقضاء غير هذا حتى تقوم الساعة ، فان عجزتما عنها فادفعاها إلي فأنا أكفيكماها (2).
 وحدثنا أبو زيد ، قال : حدثنا اسحاق بن ادريس ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، قال ، حدثني يونس ، عن الزهري ، قال : حدثني مالك بن أوس بن الحدثان بنحوه قال : فذكرت ذلك لعروة فقال : صدق مالك بن أوس ، أنا سمعت عائشة تقول : أرسل ازواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم عثمان بن عفان ، الى أبي بكر يسألن لهن ميراثهن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما أفاه الله عليه حتى كنت أردهن عن ذلك ، فقلت : ألا تتقين الله ، ألم تعلمن أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول : لا نورث ما تركناه صدقة ، يريد بذلك نفسه ، إنما يأكل آل محمد من هذا المال ، فانتهى ازواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم الى ما أمرتهن به (3)
 وأخبرنا أبو زيد ، قال : حدثنا ابن أبي شيبة ، قال : حدثنا ابن عليه ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ، قال : جاء العباس ، وعلي الى 
____________
(1) بناء على قول عمر فانه خالف سيرة النبي ( ص ) وسنته في دفعه فدك الى علي والعباس مع تصريحه ان رسول الله ( ص ) قال : لا نورث ما تركناه صدقة . ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) سورة الاحزاب : 36 .
(2) ابن أبي الحديد 15 : 221 . وفاء الوفا : 158 .
(3) ابن أبي الحديد 16 : 223 . وقال بعد ذكره الحديث ، قلت : هذا مشكل ، لأن الحديث الأول يتضمن أن عمر أقسم جماعة فيهم عثمان فقال : نشدتكم الله ، ألستم تعلمون أن رسول الله ( ص ) قال : لا نورث ما تركناه صدقة ، يعني نفسه فقا لوا : نعم ومن جملتهم عثمان ، فكيف يعلم بذلك فيكون مترسلا لأزواج النبي ( ص ) يسأله أن يعطهن الميراث .
 وها هنا اشكال آخر ، وهو أن عمر ناشد عليا والعباس ، هل تعلمان ذلك ، فقالا : نعم ، فإذا كانا يعلمانه فكيف جاء العباس وفاطمة إلى أبي بكر يطلبان الميراث على ما ذكره في خبر سابق على هذا الخبر .

( 112 )

عمر ، فقال العباس : اقض بيني وبين هذا الكذا وكذا ، أي يشتمه ، فقال الناس : أفصل بينهما ، فقال : لا أفصل بينهما قد علما أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : لا نورث ، ما تركناه صدقة (1).
 وأخبرنا أبو زيد قال : حدثني يحيى بن كثير أبو غسان ، قال : حدثنا شعبة عن عمر بن مرة ، عن أبي البختري ، قال : جاء العباس ، وعلي إلى عمر وهما يختصمان ، فقال عمر لطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن ، وسعد : أنشدكم الله ، أسمعتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : كل مال نبي فهو صدقة ، إلا ما أطعمه أهله ، إنا لا نورث ، فقالوا : نعم ، قال : وكان رسول الله يتصدق به ، ويقسم فضله ثم توفي فوليه أبو بكر سنتين يصنع فيه ما كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنتما تقولان : أنه كان بذلك خاطئا ، وكان بذلك ظالما ، وما كان بذلك إلا راشدا . ثم وليته بعد أبي بكر فقلت لكما ، ان شئتما قبلتماه على عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وعهده الذي عهد فيه ، فقلتما : نعم ، وجئتما في الآن تختصمان ، يقول هذا : أريد نصيبي من ابن أخي ، ويقول هذا : اريد نصيبي من امرأتي ، والله لا أقضي بينكما إلا بذلك (2).
 وأخبرنا أبو زيد عمر بن شبة ، قال : حدثنا محمد بن يحيى ، عن ابراهيم بن أبي يحيى ، عن الزهري ، وعن عروة ، عن عائشة أن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرسلن عثمان إلى أبي بكر ، فذكر الحديث ، قال عروة : وكانت فاطمة قد سألت ميراثها من أبي بكر . مما تركه النبي صلى الله عليه وآله . فقال لها : بأبي أنت وأمي . وبأبي أبوك . وأمي ونفسي ، ان كنت سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا ، أو امرك بشيء لم أتبع غير ما تقولين ، وأعطيتك ما تبتغين ، وإلا فإني أتبع ما أمرت به (3)
____________
(1) ابن أبي الحديد 16 : 226 .
(2) ابن أبي الحديد 16 : 227 . معجم البلدان 4 : 239 بلفظ آخر .
(3) ابن أبي الحديد 16 : 228 .

( 113 )

 وحدثنا أبو زيد ، قال : حدثنا عمرو بن مرزوق ، عن شعبة عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، قال : قال لها أبو بكر لما طلبت فدك : بأبي أنت وأمي ، أنت عندي الصادقة الأمينة ، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عهد اليك في ذلك عهدا ، أو وعدك به وعدا ، صدقتك وسلمت اليك ، فقالت : لم يعهد إلي في ذلك بشيء ، ولكن الله تعالى يقول : ( يوصيكم الله في أولادكم )(1) فقال : أشهد لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إنا معاشر الأنبياء لا نورث (2).
 وحدثنا أبو زيد ، قال : حدثنا محمد بن يحيى ، قال : حدثنا عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عبد الله الأنصاري ، عن ابن شهاب ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ، قال : سمعت عمر وهو يقول للعباس ، وعلي ، وعبد الرحمن بن عوف ، والزبير ، وطلحة ، أنشدكم الله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : إنا لا نورث ، معاشر الأنبياء ، ما تركنا صدقة ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدخل في فيئه أهله السنة من صدقاته ، ثم يجعل ما بقي في بيت المال ؟ قالوا : اللهم نعم ، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبضها أبو بكر ، فجئت يا عباس تطلب 
____________
(1) سورة النساء : 11 .
(2) ابن أبي الحديد 16 : 228 .
 لم تفتقر فاطمة الزهراء ( ع ) في دعواها الى بينة وشهود وعهد ووعد بعد ان صرج الرسول الأعظم ( ص ) على صدقها ، وكان على أبي بكر الاتيان بالبينة والشهود ، فقد روى أبو سعيد في شرف النبوة ان رسول الله ( ص ) قال لعلي : اوتيت ثلاثا لم يؤتهم أحد ولا أنا ، صهرا مثلي ولم اوت انا مثلي ، وأوتيت زوجة صديقة مثل ابنتي ولم أوت مثلها زوجة ، واوتيت الحسن والحسين من صلبك ولم اوت من صلبي مثلهما ، ولكنكم مني وانا منكم . الرياض النضرة 2 : 202 . فضائل الخمسة 3 : 148 .
 عن عائشة آها كانت إذا ذكرت فاطمة بنت النبي ( ص ) قالت : ما رأيت احدا كان أصدق لهجة منها الا أن يكون الذي ولدها .
 وفي رواية بسنده عن عمرو بن دينار قال : قالت عائشة : ما رأيت أحد قط أصدق من فاطمة غير أبيها .
 مستدرك الصحيحين 3 : 16 . الاستيعاب 2 : 751 . حلية الأولياء 2 : 41 .

( 114 )

ميراثك من ابن أخيك ، وجئت يا علي ، تطلب ميراث زوجتك من أبيها ، وزعمتما أن أبا بكر كان فيها خائنا فاجرا ، والله لقد كان امرءا مطيعا ، تابعا للحق ، ثم توفي أبو بكر فقبضتها ، فجئتماني تطلبان ميراثكما ، أما أنت يا عباس فتطلب ميراثك من ابن أخيك ، وأما علي فيطلب ميراث زوجته من أبيها ، وزعمتما أني فيها خائن فاجر ، والله يعلم أني فيها مطيع تابع للحق فأصلحا أمركما ، وإلا لم ترجع اليكما ، فقاما وتركا الخصومة وأمضيت صدقة . 
 قال أبو زيد : قال أبو غسان : فدحثنا عبد الرزاق الصنعاني ، عن معمر بن شهاب ، عن مالك بنحوه ، وقال في آخره : فغلب علي ، عباسا عليها ، فكانت بيد علي ، ثم كانت بيد الحسن ، ثم كانت بيد الحسين ، ثم علي بن الحسين ثم الحسن بن الحسن ، ثم زيد بن الحسن (1)
 أخبرني أبو زيد عمر بن شبة ، قال : حدثني هارون بن عمير ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، قال : حدثني صدقة بن أبي معاوية ، عن محمد بن عبد الله ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك ، أن فاطمة عليها السلام أتت أبا بكر ، فقالت : لقد علمت الذي ظلمتنا عنه أهل البيت من الصدقات ، وما أفاء الله علينا من الغنائم في القرآن من سهم ذوي القربى ، ثم قرأت عليه قوله تعالى : ( واعلموا إنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى ) الآية ، فقال لها أبو بكر : بأبي أنت وأمي ووالد ولدك ، وأنا أقرأ من كتاب الله الذي تقرئين منه ، ولم يبلغ علمي منه أن هذا السهم من الخمس يسلم اليكم كاملا ، قالت : أفلك هو ولأقربائك ؟ ثم قال : لا ، بل أنفق عليكم منه ، وأصرف الباقي في مصالح المسلمين . قالت : ليس هذا حكم الله تعالى ، قال : هذا حكم الله ، فان كان رسول الله عهد اليك في هذا عهدا أو أوجبه لكم حقا صدقتك وسلمته كله اليك وإلى أهلك ، قالت : ان رسول الله صلى الله عليه وآله 
____________
(1) ابن أبي الحديد 16 : 229 .
(2) سورة الأنفال : 41 .

( 115 )

لم يعهد إلي في ذلك بشيء ، ألا اني سمعته يقول لما انزلت هذه الآية : أبشروا آل محمد فقد جاءكم الغنى . 
 قال أبو بكر : لم يبلغ علمي من هذه الآية أن أسلم اليكم هذا السهم كله كاملا ، ولكن لكم الغنى الذي يغنيكم ، ويفضل عنكم ، وهذا عمر بن الخطاب ، وأبو عبيدة بن الجراح ، فأسأليهم عن ذلك ، وانظري هل يوافقك على ما طلبت أحد منهم ، فانصرفت الى عمر ، فقالت له مثل ما قالت لأبي بكر ، فقا لها مثل ما قاله لها أبو بكر ، فعجبت فاطمة عليها السلام من ذلك ، وتظنت انهما كانا قد تذاكرا ذلك واجتمعا عليه (1)
 أخبرنا أبو زيد قال : حدثنا هارون بن عمير قال : حدثنا الوليد ، عن ابن أبي لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة ، قال : أرادت فاطمة أبا بكر على فدك ، وسهم ذوي القربى ، فأبى عليها ، وجعلها في مال الله تعالى (2).
 وأخبرنا أبو زيد ، قال : حدثنا أحمد بن معاوية ، عن هيثم ، عن جويبر ، عن أبي الضحاك ، عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، أن أبا بكر منع فاطمة وبني هاشم سهم ذوي القربى ، وجعله في سبيل الله في السلاح والكراع (3).
 أخبرنا أبو زيد ، قال : حدثنا مروان بن هلال ، عن محمد بن يزيد بن ذريع ، عن محمد بن اسحاق ، قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام ، قلت : أرأيت عليا حين ولي العراق وما ولي من أمر الناس كيف صنع في سهم ذوي القربى ، قال : سلك بهم طريق أبي بكر ، وعمر ، قلت : وكيف ، ولم ، وأنتم تقولون ما تقولون قال : أما والله ما كان أهله يصدون إلا عن رأيه ، فقلت : فما منعه ؟ قال : كان يكره أن يدعى عليه مخالفة أبي بكر ، وعمر (4)
____________
(1) ابن أبي الحديد 16 : 230 .
(2) ابن أبي الحديد 16 : 230 .
(3) ابن أبي الحديد 16 : 231 .
(4) ابن أبي الحديد 16 : 231 .

( 116 )

 وحدثني المؤمل بن جعفر ، قال : حدثني محمد بن ميمون ، عن داود بن المبارك ، قال : أتينا عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن بن الحسين ، ونحن راجعون من الحج في جماعة ، فسألناه عن مسائل . وكنت أحد من سأله ، فسألته عن أبي بكر ، وعمر فقال : سأل جدي عبد الله بن الحسن بن الحسن عن هذه المسألة ، فقال : كانت أمي صديقة بنت نبي مرسل ، فماتت وهي غضبى على انسان ، فنحن غضاب لغضبها ، وإذا رضيت رضينا (1).
 وحدثني أبو جعفر محمد بن القاسم ، قال : حدثني علي بن الصباح ، قال : أنشدنا أبو الحسن رواية المفضل للكميت :

أهوى عليا أمير المؤمنيــن ولا * أرضى بشتم أبي بكر ولا عمرا
ولا أقول وان لم يعطيــا فدكـا * بنت النبي ولا ميراثهـا كفـرا
الله يعلم ماذا يحضـــران بـه * يوم القيامـة من عذر إذا اعتذرا

 قال ابن الصباح : فقال لي أبو الحسن : أتقول انه قد كفرهما في هذا الشعر ، قلت : نعم ، قال : كذاك هو (3)
 حدثنا أبو زيد : عن هارون بن عمير ، عن الوليد بن مسلم ، عن اسماعيل بن عباس ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن مولى ابن هاني ، قال : دخلت فاطمة على ابي بكر بعدما استخلف ، فسألته عن ميراثها من 
____________
(1) ابن أبي الحديد 16 : 231 .
 لقد ثبتت عصمة فاطمة ( ع ) باجماع الأمة على ذلك بصورة مطلقة والدليل على هذا قوله تعالى : ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) . ولا خلاف بين نقلة الآثار ان فاطمة ( ع ) كان من أهل هذه الآية ، وذهاب الرجس عن أهل البيت الذين عنوا بالخطاب يوجب عصمتهم ولاجماع الأمة ايضا على قول النبي ( ص ) من آذى فاطمة فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله عز وجل . الفصول المختارة : 56 . فضائل الخمسة 3 : 151 .
(2) الهاشميات : 83 .
(3) ابن أبي الحديد 16 : 232 .

( 117 )

أبيها ، فمنعها ، فقالت له : لئن مت اليوم من كان يرثك ؟ قال : ولدي واهلي ، قالت : فلم ورثت أنت رسول الله صلى الله عليه وآله ، دون ولده وأهله ؟ قال : فما فعلت يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قالت : بلى ، انك عهدت الى فدك ، وكانت صافية لرسول الله صلى الله عليه وآله ، فأخذتها وعهدت الى ما أنزل الله من السماء فرفعته عنا ، فقال : يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لم أفعل حدثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أن الله تعالى يطعم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الطعمة ما كان حيا ، فإذا قبضه الله إليه رفعت ، فقالت : أنت ورسوله أعلم ، ما أنا بسائلتك بعد مجلسي ، ثم انصرفت (1).
 وحدثنا محمد بن زكريا ، قال : حدثنا محمد عبد الرحمن المهلبي ، عن عبد الله بن حماد بن سليمان ، عن أبيه ، عن عبد الله بن حسن بن حسن ، عن أمه فاطمة بنت الحسين عليها السلام ، قالت : لما اشتد بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله الوجع وثقلت في علتها ، اجتمع عندها نساء من نساء المهاجرين والأنصار ، فقلن لها : كيف أصبحت يا ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالت : والله أصبحت عائفة(2) لدنياكم ، قالية لرجالكم ، لفظتهم بعد أن عجمتهم(3) وشنئتهم(4) بعد أن سبرتهم(5) فقبحا لفلول الحد وخور القناة ، وخطل الرأي ، وبئسما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون لا جرم قد قلدتهم ربقتها ، وشنت عليهم غارتها ، فجدعا وعقرا ، وسحقا للقوم الظالمين ، ويحهم أين زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة ، ومهبط الروح الأمين ، والطيبين بأمر الدنيا والدين ، ألا ذلك هو الخسران المبين ، 
____________
(1) ابن أبي الحديد 16 : 232 .
(2) عائفة لدنياكم : أي قالية لها كارهة .
(3) عجمتهم : بلوتهم وخبرتهم .
(4) شنئتهم : أبغضتهم .
(5) سبرتهم : علمت أمورهم .
(6) سورة المائدة : 8 .

( 118 )

وما الذي نقموا من أبي الحسن ، نقموا والله نكير سيفه ، وشدة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمره في ذات الله ، وتالله لو تكافؤا عن زمام نبذه إليه رسول الله صلى الله عليه وآله لا عتلقه ، ولسار إليهم سيرا سمجا ، لا تكلم حشاشته ، ولا يتعتع راكبه ، ولأوردهم منهلا نميرا فضفاضا يطفح ضفتاه ، ولأصدرهم بطانا قد تحير بهم الرأي ، غير متحل بطائل ، الا بغمر الناهل ، وروعة سورة الساغب ، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض ، وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون ، ألا هلم فاستمع وما عشت أراك الدهر عجبه ، وان تعجب فقد أعجبك الحادث ، الى أي لجأ استندوا ، وبأي عروة تمسكوا ، لبئس المولى ولبئس العشير ، ولبئس للظالمين بدلا ، استبدوا والله الذنايي بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغما لمعاطس قوم يحبسون أنهم يحسنون صنعا ، ( ألا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون (1) ويحهم ( أفمن يهدي الى الحق أحق ان يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون (2).
 أما لعمري الله لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ، ثم احتلموها طلاع العقب دما عبيكا وذعاقا ممقرا هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون غب ما أسس الأولون ، ثم طيبوا عن أنفسكم نفسا ، واطمئنوا للفتنة جأشا ، وابشروا بسيف صارم ، وخرج شامل ، واستبداد من الظالمين يدع فيكم زهيدا ، وجمعكم حصيدا ، فيا حسرة عليكم ، وأنى لكم وقد عميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ، والحمد لله رب العالمين ، وصلاته على محمد خاتم النبيين ، وسيد المرسلين (3).
 حدثنا عمر بن شبة ، قال : حدثني عبد العزيز بن محمد بن حكيم ، عن خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد عن أبيه . قال : لم يكن يجلس مع عثمان على 
____________
(1) سورة البقرة : 12 .
(2) سورة يونس : 35 .
(3) ابن أبي الحديد 16 : 233 . كشف الغمة 1 : 492 .

( 119 )

سريره إلا العباس بن عبد المطلب ، وأبو سفيان بن حرب ، والحكم بن أبي العاص ، والوليد بن عقبة ، ولم يكن سريره يسع الا عثمان وواحدا منهم ، فأقبل الوليد يوما فجلس ، فجاء الحكم بن العاص فأومأ عثمان الى الوليد ، فرحل له عن مجلسه ، فلما قام الحكم قال الوليد : والله يا أمير المؤمنين لقد تلجلج في صدري بيتان قلتهما حين رأيتك آثرت ابن عمك على ابن امك ، وكان الحكم عم عثمان ، والوليد أخاه لامه ، فقال عثمان : ان الحكم شيخ قريش ، فما البيتان ، فقال :

رأيت لعم المرء زلفى قرابـة * دوين أخيه حادثا لم يكن قدما
فاملت عمرا أن يشب وخالدا * لكى يدعوانـي يوم نائبة عما

 يعني عمرا وخالدا ابني عثمان ، قال : فرق له عثمان ، وقال : لقد وليتك الكوفة فأخرجه إليها (1)
 حدثني عمر بن شبة ، قال : حدثني بعض أصحابنا عن ابن دأب ، قال : لما ولي عثمان ، الوليد بن عقبة الكوفة قدمها وعليها سعد بن أبي وقاص ، فأخبر بقدومه ولم يعلم أنه قد أمر ، فقال : وما صنع قالوا : وقف في السوق فهو يحدث الناس هناك ، ولسنا ننكر شيئا من أمره ، فلم يلبث أن جاءه نصف النهار فاستأذن على سعد ، فأذن له فسلم عليه بالأمرة ، وجلس معه فقال له سع : ما أقدمك يا أبا وهب ، قال : أءببت زيارتك ، قال : وعلى ذلك اجئت بريدا ، قال : أنا ارزن من ذلك ، ولكن القوم احتاجوا الى عملهم فسرحوني إليه ، وقد استعملني امير المؤمنين على الكوفة ، فسكت سعد طويلا ثم قال : لا والله ما أدري اصلحت بعدنا أم فسدنا بعدك ، ثم قال : 

كليني وجريني ضباع وأبشري * بلحم امرئ لم يشهد اليوم ناصره

____________
(1) ابن أبي الحديد 17 : 227 .
( 120 )

 فقال الوليد : أما والله لأنا أقول للشعر منك ، وأروي له ، ولو شئت لأجبتك ، ولكني ادع ذلك لما تعلم ، نعم والله لقد أمرت بمحاسبتك ، والنظر الى أمر عمالك ، ثم بعث الى عمال سعد فحبسهم وضيق عليهم ، فكتبوا الى سعد يستغيثون به ، فكلمه فيهم ، فقال له : أو للمعروف عندك موضع قال : نعم فخلى سبيلهم (1).
 وحدثني عمر بن شبة ، عن أبي بكر الباهلي ، عن هشيم ، عن العوام بن حوشب ، قال : لما قدم الوليد على سعد قال له سعد : والله ما أدري كست بعدنا أم جمعتنا بعدك ، وقال : لا تجزعن يا أبا اسحاق ، فانه الملك يتغداه قوم ، ويتعشاه آخرون ، فقال سعد : أراكم والله ستجعلونه ملكا (2)
 وحدثني عمر بن شبة ، قال : حدثني هارون بن معروف ، عن ضمرة بن ربيعة ، عن ابن شوذب (3) قال : صلى الوليد بأهل الكوفة الغداة أربع ركعات ، ثم التفت إليهم فقال : أزيدكم ، فقال عبد الله بن مسعود : ما زلنا معك في زيادة منذ اليوم (4).
 حدثنا عمر بن شبة ، قال : حدثنا محمد بن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن الأجلح ، عن الشعبي قال : قال الحطيئة (5) يذكر الوليد : 

شهد الحطيئة يوم يلقى ربه * أن الوليــد أحق بالغــدر
نادى وقــد تمت صلاتهم * أأزيدكـم سكرا ولم يــدر

____________
(1) ابن ابي الحديد 17 : 228 .
(2) ابن أبي الحديد 17 : 229 .
(3) أبو عبد الرحمن عبد الله بن شوذب الخراساني البلخي سكن البصرة ثم بيت المقدس مات سنة اربع واربعين ومائة ـ 144 ـ تهذيب التهذيب 5 : 255 .
(4) ابن أبي الحديد 17 : 229 . العقد الفريد 8 : 55 . الامامة والسياسة 1 : 35 . الكامل 4 : 107 .
(5) أبو مليكة جرول ابن أوس العنسي المتوفى 59 شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والاسلام له ديوان شعر مطبوع .
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق