مظلومية الزهراء عليها السلام
« سيرة الشهيدة فاطمة الزهراء عليها السلام »
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
« سيرة الشهيدة فاطمة الزهراء عليها السلام »
مولدها
ولدت بمكة يوم الجمعة العشرين من جمادى الآخرة بعد المبعث بسنتين قاله الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد قال و في رواية أخرى سنة خمس من المبعث و قال الكليني و ابن شهرآشوب ولدت بعد المبعث بخمس سنين و هو المروي عن الباقر عليه السلام و هو المشهور بين أصحابنا. و في شف الغمة عن ابن الخشاب في مواليد و وفيات أهل البيت عليهم السلام مرفوعا عن الباقر عليه السلام أنها ولدت بعد النبوة بخمس سنين و قريش تبني البيت و لعله اشتباه من الراوي أو سهو من النساخ فبناء الكعبة كان قبل النبوة لا بعدها و يدل عليه ما في مقاتل الطالبيين أا ولدت قبل النبوة و قريش تبني الكعبة .
و روى الحاكم في المستدرك و ابن عبد البر في الإستيعاب أنها ولدت سنة إحدى و أربعين من مولد النبي صلى الله عليه و آله أي بعد البعثة بسنة. و في الإصابة ولدت بعد البعثة بسنة. و أكثر علماء أهل السنة تروي أنها ولدت قبل البعثة بخمس سنين و لعله وقع اشتباه من الروبين كلمتي قبل و بعد.
كنيتها و لقبها
كانت تكنى أم أبيها و تلقب بالزهراء و بالبتول ، قال الهروي في شرح الغريبين سميت مريم بتولا لأنها تبتلت عن الرجال و سميت فاطمة بتولا لأنها تبتلت عن النظير »انتهى«.
نقش خاتمها
أمن المتوكلون.
بوابها
فضة أمتها.
صفتها
روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أنس بن مالك و ابن شهرآشوب في المناقب عنه قال سألت أمي عن صفة فاطمة عليها السلام فقالت كانت كأنها القمر ليلة البدر أو الشمس كفرت غماما أو خرجت من السحاب و كانت بيضاء بضة أشد الناس برسول الله صلى الله عليه و آله شبها و عن عطان أبي رباح كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله تعجن و إن قصبتها )1( القصبة الخصلة الملتوية من الشعر. تضرب إلى الجفنة. و في كشف الغمة أن بعض الوعاظ ذكر فاطمة عليها السلام و ما وهبها الله تعالى من المزايا و الفضائل و استخفه الطرب فانشدخجلا من نور بهجتها تتوارى الشمس بالشفقو حياء من شمائلها يتغطى الغصن بالورقفشق كثير من الناس ثيابهم و أوجب وصفها بكاءهم و انتحابهم (و روى) ابن عبد البر في الإستيعاب بأسانيده عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما و حديثا (و في رواية) سمتا و هديا و دلا برسول الله صلى الله عليه و آله من فاطمة و كانت إذا دخلت ع قام إليها فقبلها و رحب بها كما كانت تصنع هي به و في رواية لأبي داود كان إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها فقبلها و أجلسها في مجلسه و كانت إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته و أجلسته في مجلسها.
(و روى) الحاكم في المستدرك بسنده عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما و حديثا من فاطمة برسول الله صلى الله عليه و آله و كانت إذا دخلت عليه رحب بها و قام إليها فأخذ بيدها فقبلها و أجلسها في مجلسه قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و يخرجاه (و بسنده) عن عائشة ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما و حديثا برسول الله صلى الله عليه و آله من فاطمة و كانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها و رحب بها و أخذ بيدها فأجلسها في مجلسه و كانت هي إذا دخل عليها قامت إليه مستقبلة و قبلت يده.و قال صحيح على شرط الين (و جاء) في عدة روايات أن فاطمة عليها السلام أقبلت تمشي ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه و آله شيئا (و في كشف الغمة) عن أم سلمة أم المؤمنين قالت كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله أشبه الناس وجها برسول الله صلىاللهعلمناقبها و فضائلها
قول النبي صلى الله عليه و آله أنها بضعة مني أو شجنة )2( الشجنة الشعبة من كل شيء.( المؤلف ( مني روى البخاري في صحيحه بسنده أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال : فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني (و روى) النسائي في الخصائص بسنده عن المسور بن مخرمة أن لىاللهعليهوآله قال : فاطمة بضعة مني من أغضبها أغضبني. و روى مسلم في صحيحه في حديث إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها. و في رواية لمسلم إنما ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها و يؤذيني ما آذاها. و في الإصابة عن الصحيحين عن المسور بن مخرمة سمعت رسول اللهىاللهعليهوآله على المنبر يقول : فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها و يريبني ما راب (و روى) أبو نعيم في حلية الأولياء بسنده عن المسور بن مخرمة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و آله يقول : إنما فاطمة ابنتي بضعة مني يريبني ما أرابها و يؤذيني ما آذاها و قال رواه عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة عن المسور و رواه أيوب السختياني عن ابن أبي مليعن عبد الله بن الزبير نحوه.و عن صحيح الترمذي : أنها بضعة مني يريبني ما رابها و يؤذيني ما آذاها هذا حديث حسن صحيح.و عن صحيح الترمذي : إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها و ينصبني ما أنصبها هذا حديث حسن صحيح. و في الشفا أنها بضعة مني يغضبني ما يغضبها.
و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن المسور بن مخرمة قال رسول الله صلى الله عليه و آله: إنما فاطمة شجنة مني يبسطني ما يبسطها و يقبضني ما يقبضها و قال صحيح (و بسنده) عن المسور أنه بعث إليه حسن بن حسن يخطب ابنته فقال ما من نسب و لا سبب أحب إلي من نسبكم و سببك صهركم و لكن رسول الله صلى الله عليه و آله قال : فاطمة بضعة أو مضغة مني يقبضني ما يقبضها و يبسطني ما يبسطها و أن الأنساب يوم القيامة تنقطع غير نسبي و سببي و صهري و عندك ابنتها و لو زوجتك لقبضها ذلك فانطلق عاذرا له و قال هذا حديث صحيح ، و روى أبو الفرج الهاني في الأغاني أن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن السبط دخل على عمر بن عبد العزيز و هو حديث السن و له وقار و تمكين فرفع عمر مجلسه و أكرمه و قضى حوائجه فسأل عمر عن ذلك فقال إن الثقة حدثني حتى كأني أسمع من في رسول الله صلى الله عليه و آله أنه قال إنما فة بضعة مني يسرني ما يسرها و يغضبني ما يغضبها فعبد الله بضعة من بضعة رسول الله صلىاللهعليهوآلشدة حب النبي صلى الله عليه و آله فاطروى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي ثعلبة الخشني : كان رسول الله صلى الله عليه و آله إذا رجع من غزاة أو سفر أتى المسجد فصلى فيه ركعتين ثم ثنى بفاطمة ثم يأتي أزواجه (و بسنده) عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و آله كان إذا سافر كان آخر الناس عهدا به فاطذا قدم من سفر كان أول الناس به عهدا فاطمة . و روى ابن شهرآشوب في المناقب بعدة أسانيد عن عائشة أن عليا قال للنبي صلى الله عليه و آله لما جلس بينه و بين فاطمة و هما مضطجعان أينا أحب إليك أنا أو هي؟قال: هي أحب إلى و أنت أعز علي. و لا يمكن أن يكون جواب أحسن هذا عند السؤال عن منزلة علي و فاطمة عند الرسول صلى الله عليه و آله ففاطمة أحب إليه حب حنان و شفقة و رأفة و علي أعز عليه عزة فضل و مكانأحب النساء إليه صلى الله عليه و آله فاطفي الإستيعاب بسنده سئلت عائشة أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه و آله قالت فاطمة قلت فمن الرجال قالت زوجها إن كان ما علمته صواما قواما، و رواه الحاكم في المستدرك بسنده عن جميع بن عمير و صححه دخلت مع عمتي على عائشة فسئلت أي الناس كان أحب إلى رسالله صلى الله عليه و آله و ذكر مثله، و رواه الترمذي أيضزهدها عليها السلامروى الحاكم في المستدرك بسنده أن رسول الله صلى الله عليه و آله دخل على فاطمة و قد أخذت من عنقها بسلسلة من ذهب فقالت هذه أهداها إلى أبو حسن فقال رسول الله صلى الله عليه و آله يا فاطمة أيسرك أن يقول الناس فاطمة بنت محمد و في يدك سلسلة من نار ثم خرج و لم يمدت فاطمة إلى السلسلة فاشترت غلاما فأعتقته فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و آله فقال : الحمد لله الذي نجى فاطمة من النار قال صحيح على شرط الشيخينو روى أحمد بن حنبل في مسنده عن ثوبان مولى رسول الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه و آله إذا سافر آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة و أول من يدخل عليه إذ قدم فاطمة فقدم من غزاة فأتاها فإذا بمسح على بابها»و هو كساء معروف«و رأى على الحسن و الحسين عليهماالسلاُلبين (أي سوارين) من فضة فرجع و لم يدخل عليها فظنت أنه من أجل ما رأى فهتكت الستر و نزعت القلبين من الصبيين فقطعتهما فبكى الصبيان فقسمته بينهما فانطلقا إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و هما يبكيان فأخذه منهما و قال : يا ثوبان اذهب بهذا إلى بني فلان و اشلفاطمة قلادة من عصب»و هو سن دابة بحرية«و سوارين من عاج فان هؤلاء أهل بيتي و لا أحب أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا. (قال) و عن جعفر بن محمد عن أبيه: قدم على رسول الله صلى الله عليه و آله قوم عراة بالروم فدخل على فاطمة و قد سترت سترا قال أيسرك أن يستركله يوم القيامة فأعطينيه فأعطته فخرج به فشقه لكل إنسان ذراعين في ذراع.
صدق لهجتها
في الإستيعاب بسنده عن عائشة ما رأيت أحدا كان أصدق لهجة من فاطمة إلا أن يكون الذي ولدها صلى الله عليه و آله. و روى أبو نعيم في الحلية بسنده عن عائشة ما رأيت أحدا قط أصدق من فاطمة غير أبيهمناقب أهل البيت آية التطهير و حديث الكساء
قال الله تعالى في سورة الأحزاب (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) . نزلت في علي و فاطمة و ابنيهما. روى الواحدي في أسباب النزول بسنده عن أبي سعيد قال: نزلت في خمسة في النبي صلى الله عليه و آله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهسلام و في الإصابة قالت أم سلمة : في بيتي نزلت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا قالت فأرسل رسول الله صلى الله عليه و آله إلى فاطمة و علي و الحسن و الحسين عليهم السلام فقال هؤلاء أهل بيتي»الحديث«أخرجه الترمذي و الحاكم في المستدرك ل صحيح على شرط مسلم »اه« أقول: الذي في المستدرك و تلخيصه صحيح على شرط البخاري و لم يخرجاه. و في الدر المنثور : أخرج الترمذي و صححه و ابن جرير و ابن المنذر و الحاكم و صححه و ابن مردويه و البيهقي في سننه من طرق عن أم سلمة قالت في بيتي نزلت: »إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت« و في البيت فاطمة و علي و الحسن و الحسين فجللهم صلى الله عليه و آله بكساء كان عليه ثم قال هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.و أخرج ابن مردويه عن أم سلمة قالت نزلت هذه الآية في بيتي إنما يريد الله الآية و في البيت سبجبريل و مكائيل و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و أنا على باب البيت قلت يا رسول الله أ لست من أهل البيت قال إنك إلى خير أنك من أزواج النبي صلىاللهعليهوآلو أخرج ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و الطبراني و ابن مردويه عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه و آله أن رسول الله صلى الله عليه و آله كان ببيتها على منامة له عليه كساء خيبري فجاءت فاطمة ببرمة فيها خزيرة فقال رسول الله صلى الله عليه و آله ادعيبنيك حسنا و حسينا فدعتهم فبينما هم يأكلون إذ نزلت على رسول الله صلى الله عليه و آله »إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا« فأخذ النبي صلى الله عليه و آله بفضلة إزاره فغشاهم إياه ثم أخرج يده من الكساء و أومأ إلى السماء ثم قال: اللهم أهل بيتي و خاصتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا قالها ثلاث مرات قالت أم سلمة فأدخلت رأسي في الستر فقلت: يا رسول الله و أنا معكم؟فقال إنك إلى خير مرتين.و رواه في أسد الغابة بسنده عن أم سلمة نحوه. و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن واثلة بن الأسقع : أتيت عليا عليه السلام فلم أجده، فقالت لي فاطمة انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه و آله يدعوه فجاء مع رسول الله صلى الله عليه و آله فدخلا و دخلت معهما فدعا رسول الله صلى الله عليه و آله الحسن و الحسين فأقعد كل واحد منهما على فخذيه و أدنى فاطمة من حجره و زوجليهم ثوبا و قال: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا، ثم قال هؤلاء أهل بيتي اللهم أهل بيتي أحق.هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن عامر بن سعد عن سعد : نزل على رسول الله صلى الله عليه و آله الوحي فأدخل عليا و فاطمة و ابنيهما تحت ثوبه ثم قال اللهم هؤلاء أهلي أهل بيتي (و بسنده) عن عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب : لما نظر رسول الله صلى الله عليه و آله إلى الرحمة هابطة قال ادعوا لي ادعوا لي فقالت صفية من ي الله قال أهل بيتي علي و فاطمة و الحسن و الحسين فجيء بهم فألقى عليهم النبي صلى الله عليه و آله كساءه ثم رفع يديه ثم قال: اللهم هؤلاء آلي فصل على محمد و على آل محمد.و أنزل الله عز و جل»إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا« قال هذا حصحيح الإسناد و قد صحت الرواية على شرط الشيخين أنه علمهم الصلاة على أهل بيته كما علمهم الصلاة على آله.
حديث الثقلين
روى الحاكم في المستدرك و قال صحيح على شرط الشيخين بسنده عن زيد بن أرقم قال رسول الله صلى الله عليه و آله إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و أهل بيتي و إنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض و سيأتي الكلام على أحاديث الثقلين بأبسط من هذا في سيرة أمير المؤمنين هالسلام في الجزء الثاني.و من مناقب أهل البيت عليهم السلامما رواه الحاكم في المستدرك و قال حسن صحيح على شرط مسلم بسنده عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال يا بني عبد المطلب إني سألت الله لكم ثلاثا أن يثبت قائمكم و أن يهدي ضالتكم و أن يعلم جاهلكم و سألت الله أن يجعلكم جوداء نجداء رحماء فلو أجلا صفن بين الركن و المقام فصلى و صام ثم لقى الله و هو مبغض لأهل بيت محمد دخل النار. و بسنده من رواية أحمد بن حنبل عن أبي هريرة : نظر النبي صلى الله عليه و آله إلى علي و فاطمة و الحسن و الحسين ع فقال أنا حرب لمن حاربكم و سلم لمن سالمكو بسنده عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال لعلي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام أنا حرب لمن حاربتم و سلم لمن سالمو بسنده عن ابن عباس و صححه قال رسول الله صلى الله عليه و آله أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة و أحبوني لحب الله و أحبوا أهل بيتي لحو بسنده عن أبي سعيد الخدري و صححه على شرط مسلم قال رسول الله صلى الله عليه و آله و الذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار (و في رواية) إلا أكبه الله في الناو بسنده عن عمر بن سعيد الأبح عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه و آله وعدني ربي في أهل بيتي من أقر منهم بالتوحيد و لي بالبلاغ أن لا يعذبهم.قال الحاكم : قال عمر بن سعيد الأبح و مات سعيد بن أبي عروبة يوم الخميس و كان حدث بهذاحديث يوم الجمعة مات بعده بسبعة أيام في المسجد فقال قوم لا جزاك الله خيرا صاحب »رفض« و بلاء و قال قوم جزاك الله خيرا صاحب سنة و جماعة أديت ما سمعت.هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه.
و بسنده عن عامر بن سعد عن أبيه و قال صحيح على شرط الشيخين لما نزلت هذه الآية: »ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم« دعا رسول الله صلى الله عليه و آله عليا و فاطمة و حسنا و حسينا فقال اللهم هؤلاء أهلو بسنده عن حنش الكناني سمعت أبا ذر يقول و هو آخذ بباب الكعبة من عرفني فأنا من عرفني و من أنكرني فأنا أبو ذر سمعت النبي صلى الله عليه و آله يقول : ألا أن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من قومه من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق أو هلو في وفاء الوفا عن علي عليه السلام: زارنا النبي صلى الله عليه و آله فبات عندنا و الحسن و الحسين نائمان و استسقى الحسن فقام النبي صلى الله عليه و آله إلى قربة لنا فجعل يعصرها في القدح ثم جعل يعبعبه فتناول الحسين فمنعه و بدأ بالحسن فقالت له فاطمة يا رس كأنه أحب إليك قال إنما استسقى أولا ثم قال رسول الله صلى الله عليه و آله إني و إياك و هذان و هذا الراقد يعني عليا يوم القيامة في مكان واحد. قال و عن أبي سعيد الخدري مثلهو روى الكليني في الكافي بسنده عن الصادق عليه السلام قال لما جاءت فاطمة تشكو إلى رسول الله صلى الله عليه و آله بعض أمرها أعطاها كربة (و هي أصل السعفة العريض الغليظ كانوا يكتبون عليه) فقال تعلمي ما فيها فإذا فيها من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يؤذي و من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليكرم ضيفه و من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيرا أو يسكت.
أخبارها
من أخبارها بمكة ما مر في السيرة النبوية عند ذكر استجابة دعائه ع أنه لما ألقت قريش سلا الجزور على ظهره و هو ساجد جاءت فاطمة فطرحته عنه.و هاجرت إلى المدينة بعد هجرة أبيها بلا فصل حين بعث عليه السلام إلى علي أن يهاجر بها و الفواطم و أراده صاحبه على دخول المدنة فقال ما أنا بداخلها حتى يأتي أخي و ابنتي.و من أخبارها بالمدينة أنه لما جرح النبي صلى الله عليه و آله يوم أحد جعل علي ينقل له الماء في درقته من المهراس و يغسله فلم ينقطع الدم فأتت فاطمة و جعلت تعانقه و تبكي و أحرقت حصيرا و جعلت على الجرح من رماده فانقطلدم»و في رواية«أنه عليه السلام لما انصرف إلى المدينة استقبلته فاطمة و معها إناء فيه ماء فغسل وجهه و أنه عليه السلام دفع إليها سيفه و قال اغسلي عن هذا دمه يا بنية و أن عليا ناولها سيفه و قال و هذا فاغسلي عنه فو الله لقد صدقني اليوم و أن الرسول ص قال لها خه يا فاطمة فقد أدى بعلك ما عليه كما مر في وقعة أحد و اختصها النبي صلى الله عليه و آله بذلك و لم يعط سيفه بعض أزواجه و هن كثيرات و مدح عليا ع بالشجاعة أمامها لتسر بشجاعة بعلهتزويج الزهراء بعلي عليه السلام في كشف الغمة روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لو لا أن الله تبارك و تعالى خلق أمير المؤمنين لفاطمة ما كان لها كفؤ على وجه الأرض (قال) و روى صاحب كتاب الفردوس عن النبي صلى الله عليه و آله لو لا علي لم يكن لفاطمة كفوء و في مناقب ابن شهرآشوب قد اشتهر في الصحاح بالأسانيد عن أمير المؤمنين و ابن عباس و ابن مسعود و جابر الأنصاري و أنس بن مالك و البراء بن عازب و أم سلمة بألفاظ مختلفة و ن متفقة أن أبا بكر و عمر خطبا إلى النبي صلى الله عليه و آله فاطمة مرة بعد أخرى فردهما.و روى أحمد في الفضائل عن بريدة أن أبا بكر و عمر خطبا إلى النبي صلى الله عليه و آله فاطمة فقال إنها صو روى محمد بن سعد كاتب الواقدي في الجزء الثامن من الطبقات الكبير بسنده أن أبا بكر خطب فاطمة إلى النبي صلى الله عليه و آله فقال انتظر بها القضاء فذكر ذلك لعمر فقال له ردك ثم أن أبا بكر قال لعمر اخطب فاطمة إلى النبي صلى الله عليه و آله فخطبها فقال له مثلل لأبي بكر انتظر بها القضاء فأخبر أبا بكر فقال له ردك (الحديث) (و بسنده) عن بريدة أنه قال نفر من الأنصار لعلي عندك فاطمة فأتى رسول الله صلى الله عليه و آله فسلم عليه فقال ما حاجة ابن أبي طالب قال ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله قال مرحبا ولم يزده عليهما فخرج على أولئك الرهط و هم ينتظرونه قالوا ما وراءك قال ما أدري غير أنه قال لي مرحبا و أهلا قالوا يكفيك من رسول الله إحداهما أعطاك الأهل أعطاك المرحب»الحديث«. (و روى) ابن سعد بسنده خطب علي فاطمة فقال لها رسول الله صلى الله عليه و آله إن علياكرك فسكتت فزوجها (و في البحار) عن الضحاك أن النبي صلى الله عليه و آله قال لفاطمة إن علي بن أبي طالب ممن قد عرفت قرابته و فضله في الإسلام و إني سألت ربي أن يزوجك خير خلقه و أحبهم إليه و قد ذكر من أمرك شيئا فما ترين فسكتت فخرج و هو يقول الله أكبر سكوتها إقها.
خطبة النبي صلى الله عليه و آله عند تزويجه فاطمة من علي عليهالسفي مناقب ابن شهرآشوب خطب رسول الله صلى الله عليه و آله على المنبر في تزويج فاطمة خطبة رواها يحيى بن معين في أماليه و ابن بطة في الإبانة بإسنادهما عن أنس بن مالك مرفوعا قال و رويناها عن الرضا عليه السلام (أقول) هي في رواية المناقب أخصر فنذكرها برواية كشفمة و هي : الحمد لله المحمود بنعمته المعبود بقدرته المطاع بسلطانه المرهوب من عذابه المرغوب إليه فيما عنده النافذ أمره في أرضه و سمائه الذي خلق الخلق بقدرته و ميزهم بأحكامه و أعزهم بدينه و أكرمهم بنبيه محمد صلى الله عليه و آله ثم إن الله جعل المصاهرة نسبا لاحقا و أممفترضا و شج بها الأرحام و ألزمها الأنام فقال تبارك اسمه و تعالى جده (و هو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا و صهرا) و كان ربك قديرا فأمر الله يجري إلى قضائه و قضاؤه يجري إلى قدره فلكل قضاء قدر و لكل قدر أجل و لكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب. ثم إني أشهد أني قد زوجت فاطمة من علي »و في رواية المناقب ثم إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي و قد زوجتها إياه«على أربعمائة مثقال فضة أ رضيت قال رضيت يا رسول الله ثم خر لله ساجدا فقال النبي صلى الله عليه و آله جعل الله فيكما الكثير الطيب و باريكما.قال أنس : بارك الله عليكما و أسعد جدكما و جمع بينكما و أخرج منكما الكثير الطيب.قال أنس : و الله لقد أخرج منهما الكثير الطيب.
خطبة علي عند تزويجه بفاطمة عليها السلام
عن ابن مردويه أن النبي صلى الله عليه و آله قال لعلي تكلم خطيبا لنفسك فقال: الحمد لله الذي قرب من حامديه و دنا من سائليه و وعد الجنة من يتقيه و أنذر بالنار من يعصيه نحمده على قديم إحسانه و أياديه حمد من يعلم أنه خالقه و باريه و مميته و محييه و سائله عن مسه و نستعينه و نستهديه و نؤمن به و نستكفيه و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تبلغه و ترضيه و أن محمدا عبده و رسوله ص صلاة تزلفه و تحظيه و ترفعه و تصفيه و هذا رسول الله صلى الله عليه و آله زوجني ابنته فاطمة على خمسمائة درهم فاسألوه و شهدوا قاسول الله صلى الله عليه و آله قد زوجتك ابنتي فاطمة على ما زوجك الرحمن و قد رضيت بما رضي الله فنعم الختن )1( الختن بفتحتين زوج البنت و هذه الرواية تنفي ما قاله أهل اللغة من أنه عند العرب كل من كان من قبل المرأة كالأب و الأخ و أنه عند العامة زوج البنت. أنتنعم الصاحب أنت و كفاك برضى الله رضى ثم أمر النبي صلى الله عليه و آله بطبق بسر )2( البسر بالضم ثمر النخيل قبل أن يصير رطبا. أو تمر و أمر بنهبه و الروايات مختلفة في قدر مهر الزهراء (ع) و جنسه و الصواب أنه كان خمسمائة درهم اثنتي عشرة أوقية و نصفا الأوقية أون درهما لأنه مهر السنة كما ثبت من طريق أهل البيت عليهم السلام و ما كان رسول الله صلى الله عليه و آله ليعدوه في تزويج علي بفاطمة و تدل عليه روايات كثيو في رواية ابن سعد في الطبقات كان صداق بنات رسول الله صلى الله عليه و آله و نسائه خمسمائة درهم اثنتي عشرة أوقية و نصفا أما ما دل على أنه أربعمائة مثقال كالخطبة السابقة فهو يقتضي أن يكون أكثر من خمسمائة درهم لأن كل سبعة مثاقيل عشرة دراهم فالخمسمائة درهم ت ثلاثمائة و خمسين مثقالا لا أربعمائة إلا أن يكون للمثقال أو الدرهم وزن آخر غير المشهور (و قيل) إنه كان أربعمائة و ثمانين درهما حكاه في الإستيعاب و يدل عليه قول الحسين عليه السلام في خبر خطبة مروان أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر ليزيد بن معاوية : لو أردنا ذك ما عدونا سنة رسول الله صلى الله عليه و آله في بناته و نسائه و أهل بيته و هو اثنتا عشرة أوقية يكون أربعمائة و ثمانين درهما و قوله قد زوجتها من ابن عمها القاسم على أربعمائة و ثمانين درهما (و في رواية) أن عليا»ع« باع بعيرا له بذلك المقدار و في رواية أن ال كان درع حديد و هي التي تسمى الحطمية )3( منسوبة إلى حطم بضم الحاء و فتح الطاء ابن محارب و كان يعمل الدروع. فباعها بهذا المقدار»و في رواية«أنه كان درع حديد و بردا خلقا.و تدل بعض الأخبار على أن الدرع و البرد لم يكونا مهرا بل بيعا لذلك.
(و روى) الصدوق في عيون أخبار الرضا بسنده عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السلام عن علي عليه السلام قال قال لي رسول الله صلى الله عليه و آله يا علي لقد عاتبني أرجال من قريش في أمر فاطمة و قالوا خطبناها إليك فمنعتنا و زوجت عليا فقل ما أنا منعتكم و زوجته بل الله منعكم و زوجه (الحديث) . قال ابن عبد البر في الإستيعاب إن رسول الله صلى الله عليه و آله قال لها زوجتك سيدا في الدنيا و الآخرة و أنه لأول أصحابي إسلاما و أكثرهم علما و أعظمهم حلما ذكر ذلك في ترجمة علي عليهالسلثم إن عليا عليه السلام أتى بالدراهم فصبها بين يدي رسول الله صلى الله عليه و آله فقبض منها قبضة فأعطاها بلالا و قال ابتع لفاطمة طيبا و في الإستيعاب أمر صلى الله عليه و آله أن يجعل ثلثها في الطيب و في رواية لابن سعد ثلثين في الطيب و ثلثا في الثياب ثم قببكلتا يديه فأعطاه أبا بكر و قال ابتع لفاطمة ما يصلحها من ثياب و أثاث البيت و أردفه بعمار و عدة من أصحابه فكانوا يعرضون الشيء على أبي بكر فان استصلحه اشتروه و قبض قبضة كانت ثلاثة و ستين أو ستة و ستين فأعطاها أم أيمن لمتاع البيت و دفع الباقي إلى أم سلمة فقل أبقيه عندك فكان مما اشتروه:
جهاز الزهراء عليها السلام عند زفافها
قميص بسبعة دراهم و خمار بأربعة دراهم و قطيفة )1( القطيفة دثار له حمل. سوداء خيبرية و سرير مزمل )2( ملفوف. بشريط )3( الشريط خوص مفتول يشرط به السرير و نحوه. و فراشان من خيش )4( الخيش ثياب في نيجها ]نسجها[ رقة و خيوطها غلاظ من مشاقة الكتان. مصر حشو أحدهما ليف و حشو الآخر من صوف الغنم و أربع مرافق )5( جمع مرفقة و هي ما يتكأ عليها و توضع تحت المرفق. من أدم )6( بفتحتين أو ضمتين جمع أديم و هو الجلد. الطائف حشوها أذخر )7( نبات طيب الرائحة. و ستر رقيق من صوف و حصير هجري )8( منسوب إلى هجر بلدة بالبحرين و في رواية قطري منسوب إلى قطر قرية بالبحرين. و رحى لليد و مخضب )9( كمنبر و يقال له مركن و إجانة. من نحاس و هو إناء تغسل فيه الثياب و سقاء )10( السقاء جلد السخل يكون للماء و اللبن. من أدم و قعب )11( قدح من خشب. للبن و شن )12( الشن بالفتح السقاء الخلق و هو أشد تبريدا للماء من الجديد. للماء و مطهرة )13( إناء يتطهر به و لعلها كانت من ورق النخل و طليت بالزفت. مزفتة و جرة خضراء و كيزان خزف و نطع )14( بساط من جلد من أدم و عباءة قطوانية )15( بالتحريك و هي عباءة بيضاء قصيرة الخمل نسبة إلى قطوان موضع بالكوفة. و قربة ماء.
فلما عرض ذلك على رسول الله صلى الله عليه و آله جعل يقلبه بيده و يقول بارك الله لأهل البيت. و في رواية أنه لما وضع بين يديه بكى ثم رفع رأسه إلى السماء و قال اللهم بارك لقوم جل آنيتهم الخزتجهيز علي عليه السلام عند زفاف فاطمة عليها السلام إليهو كان من تجهيز علي داره انتشار رمل لين و نصب خشبة من حائط إلى حائط للثياب و بسط أهاب كبش و مخدة ليف و في رواية ابن سعد عن بعض من حضر إهداء فاطمة من النساء قالت فدخلنا بيت علي فإذا أهاب شاة على دكان (مصطبة) و وسادة فيها ليف و قربة و منخل و منشفة و قدح فلما كان بعد شهر أو تسعة و عشرين يوما قال جعفر )16( هكذا في رواية ابن مردويه و سيأتي أيضا أن جعفرا رضوان الله عليه كان في جملة الذين زفوا فاطمة إلى علي عليه السلام كما يأتي أن أسماء بنت عميس حضرت زفاف فاطمة عليها السلام و لا يصح ذلك لأن جعفرا كان في ذلك الوقت الحبشة و معه زوجته أسماء بنت عميس في زفاف فاطمة اشتباه و الصواب أسماء بنت يزيد ابن السكن كما سيأتي.
و عقيل أو عقيل وحده لعلي ألا تسأل رسول الله صلى الله عليه و آله أن يدخل عليك أهلك قال الحياء يمنعني قال أقسمت عليك إلا قمت معي فقاما فلقيا أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه و آله فذكرا لها ذلك فدخلت إلى أم سلمة فأعلمتها و أعلمت نساء النبي صلىالآله فاجتمعن عند رسول الله صلى الله عليه و آله و قلن فديناك بآبائنا و أمهاتنا يا رسول الله إنا قد اجتمعنا لأمر لو كانت خديجة في الأحياء لقرت عينها قالت أم سلمة فلما ذكرنا خديجة بكى رسول الله صلى الله عليه و آله فقال خديجة و أين مثل خديجة صدقني ]صدقتني[ بني الناس و وازرتني على دين الله و أعانتني عليه بمالها أن الله عز و جل أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب الزمرد لا صخب فيه و لا نصب قالت أم سلمة فديناك بآبائنا و أمهاتنا أنك لم تذكر من خديجة أمرا إلا و قد كانت كذلك غير أنها قد مضت إلى ربها فهناها الله بذلك و جمع بيننا و بينها في جنته يا رسول الله هذا أخوك و ابن عمك في النسب علي بن أبي طالب يحب أن تدخل عليه زوجته قال حبا و كرامة فدعا بعلي فدخل و هو مطرق حياء و قمن أزواجه فدخلن البيت فقال أ تحب أن أدخل عليك زوجتك فقال و هو مرق أجل فداك أبي و أمي فقال أدخلها عليك إن شاء الله ثم التفت إلى النساء فقال من هاهنا فقالت أم سلمة أنا أم سلمة و هذه زينب و هذه فلانة و فلانة فأمرهن أن يزين فاطمة و يطيبنها و يصلحن من شأنها في حجرة أم سلمة و أن يفرشن لها بيتا كان قد هيأه علي عليه السلام بالأجرة و كان بعيدا عن بيت البي صلى الله عليه و آله قليلا فلما بنى بها حوله النبي صلى الله عليه و آله إلى بيت قريب منه ففعلن النسوة ما أو في رواية كشف اليقين فعلقن عليها من حليهن و طيبنها .و في مناقب ابن شهرآشوب عن أبي بكر بن مردويه فأتى الصحابة بالهدايا فأمر بطحن البر و خبزه و أمر عليا بذبح البقر و الغنم فلما فرغوا من الطبخ أمر النبي صلى الله عليه و آله أن ينادي على رأس داره أجيبوا رسولله صلى الله عليه و آله فبسط النطوع في المسجد و صدر الناس و هم أكثر من أربعة آلاف رجل و سائر نساء المدينة و رفعوا ما أرادوا ثم دعا رسول الله صلى الله عليه و آله بالصحاف فملئت و وجه إلى منازل أزواجه ثم أخذ صحفة فقال هذه لفاطمة و بفلما كانت ليلة الزفاف أتى النبي صلى الله عليه و آله ببغلته الشهباء أو بناقته و ثنى عليها قطيفة و قال لفاطمة اركبي فاركبها و أمر سلمان أن يقود بها و مشى ص خلفها و معه حمزة و عقيل و بنو هاشم مشهرين سيوفهم و نساء النبي ص قدامها يرجزن و أمر بنات عبد المطلب واء المهاجرين و الأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة و أن يفرحن و يرجزن و يكبرن و يحمدن و لا يقلن ما لا يرضي الله و نساء النبي صلى الله عليه و آله قدامها يرجزن فأنشات أم سلمة ترجز و تقولسرن بعون الله جاراتي و اشكرنه في كل حالاتو اذكرن ما أنعم رب العلى من كشف مكروه و آفاتفقد هدانا بعد كفر و قد انعشنا رب السماواتو سرن مع خير نساء الورى تفدى بعمات و خالاتيا بنت من فضله ذو العلى بالوحي منه و الرساثم قالت عائشة :
يا نسوة استرن بالمعاجر و اذكرن ما يحسن في المحاضر
و اذكرن رب الناس إذ يخصنا بدينه مع كل عبد شاكر
و الحمد لله على أفضاله و الشكر لله العزيز القادر
سرن بها فالله أعلى ذكرها و خصها منه بطهر طاهر
ثم قالت حفصة :
فاطمة خير نساء البشر و من لها وجه كوجه القمر
فضلك الله على كل الورى بفضل من خص باي الزمر
زوجك الله فتى فاضلا أعني عليا خير من في الحضر
فسرن جاراتي بها فإنها كريمة عند عظيم الخطر
و كانت النسوة يرجعن أول ببيت ]بيت[ من كل رجز ثم يكبرن و دخلن الدار ثم انفذ رسول الله إلى علي فدعاه و أخذ بيد فاطمة فوضعها في يده و قال بارك الله لك في ابنة رسول الله صلىاللهعليهوآلو في طبقات ابن سعد : جاء رسول الله صلى الله عليه و آله فاستفتح (أي على علي ليلة زفافه) فخرجت إليه أم أيمن فقال أ ثم أخى فقالت و كيف يكون أخاك و قد أنكحته ابنتك قال فإنه كذلك ثم قال أ أسماء بنت عميس قالت نعم قال جئت تكرمين بنت رسول الله قالت نعم فقال لها ا و دعا لها (و روي) أنه قال اللهم إنهما أحب إلي فأحبهما و بارك في ذريتهما و اجعل عليهما منك حافظا و إني أعيذهما بك و ذريتهما من الشيطان الرجيم و دعا لفاطمة فقال أذهب الله عنك الرجس و طهرك تطهيرا»و روي«أنه قال مرحبا ببحرين يلتقيان و نجمين يقترنان»و في رواية«أنه قال اللهم هذه ابنتي و أحب الخلق إلي اللهم و هذا أخي و أحب الخلق إلى اجعله لك وليا و بك حفيا و بارك له في أهله ثم قال يا علي ادخل بأهلك بارك الله تعالى لك و رحمة الله و بركاته عليكم إنه حميد مجيد ثم خرج من عندهما فأخذ بعضادتي الباب فقال طهركما الله و طهر نسلكما إنا سلم لمن سالمكما و حرب لمن حاربكما أستودعكما الله و استخلفه عليكما ثم أغلق عليهما الباب بيده.
و اختلف في قدر عمر الزهراء يوم تزوج بها أمير المؤمنين عليه السلام بناء على الاختلاف في تاريخ مولدهما كما مر فعلى قول أكثر أصحابنا إنها ولدت بعد النبوة بخمس سنين يكون عمرها حين تزويجها »تسع سنين« أو »عشر سنين« أو »إحدى عشرة سنة« لأنها تزوجت بعلي عليهالسل بعد الهجرة بسنة و قيل بسنتين و قيل بثلاث سنين قال ابن شهرآشوب في المناقب ولدت بعد النبوة بخمس سنين و أقامت مع أبيها بمكة ثمان سنين ثم هاجرت إلى المدينة فزوجها من علي بعد مقدمها المدينة بسنتين بعد بدر و على قول بعضهم إنها ولدت بعد النبوة بسنتين يكون عمرها يوم تزويجها »اثنتي عشرة سنة« أو »ثلاث عشرة سنة« أو »أربع عشرة سنة« بناء على الخلاف في أن تزويجها كان بعد الهجرة بسنة أو سنتين أو ثلاث و لم يرو أصحابنا في مبلغ عمرها يوم تزويجها أزيد من ذلك. و في الإستيعاب كان سنها يوم تزويجها »خمس عشرة سنة و خمسة أشهر و نصفا« و كانت سن علي »إحدى و عشرين سنة و خمسة أشهر« و على القول بأنها ولدت قبل النبوة بخمس سنين يكون عمرها يوم تزويجها »عشرين سنة« و قال أبو الفرج الأصبهاني و رواه ابن حجر في الإصابة و ابن سعد في الطبقات كان لها يوم تزويجها »ثماني عشرة سنة«. و روى ابن سعد في الطبقات أن تزويجها بعد مقدم النبي صلى الله عليه و آله المدينة بخمسة أشهر و بنى بها مرجعه من بدر قال و فاطمة يوم بنى بها علي بنت »ثماني عشرة سنة« »اه« و لعله وقع اشتباه بين تاريخ تزويجها و وفاتها لما ستعرف من أن ذلك سنها يوم وفاتها كما احتملنا وقوع الاشتبفي ولادتها بين كونها بعد النبوة بخمس سنين أو قبلها.
و كذلك اختلفت الروايات في يوم و شهر تزويجها قال ابن شهرآشوب في المناقب تزوجها علي عليه السلام أول يوم من ذي الحجة و دخل بها يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجة قال و روي أن تزويجها كان يوم السادس »اه« و لعله وقع اشتباه بين يوم التزويج و البناء.و قال أبو الفج كان تزويجها في صفر و في رواية دخل بها لأيام خلت من شوال و في رواية تزوجها في شهر رمضان و بنى بها في ذي الحجة و عن المفيد و ابن طاوس ناسبين له إلى أكثر علمائنا إن زفافها كان ليلة إحدى و عشرين من المحرم ليلة الخميس.
بيت فاطمة
كان النبي صلى الله عليه و آله قد بنى لنفسه بيتا شرقي المسجد ملاصقا له سكنه مع ابنته فاطمة و بنى هناك أيضا بيوتا أسكنها أزواجه و بنى لعلي عليه السلام بيتا بجنب البيت الذي تسكنه عائشة و هو الذي دفن فيه النبي صلى الله عليه و آله فلما تزوج علي بفاطمة و أده عرس بها في بيت استأجره كما مر ثم عاد إلى ذلك البيت و سكنته فاطمة معه حتى توفيت و فيه ولد الحسن و الحسين و سائر أولاد علي من فاطمة عليهم السلام و بقيت الصخرة التي ولدت عليها الحسنين ظاهرة بعد إلحاق بيتها بالمسجد يعرفها أهل البيت.و في كتاب وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى : أسند يحيى عن عيسى بن عبد الله عن أبيه أن بيت فاطمة في الزور الذي في القبر بينه و بين بيت النبي خوخة. (و الزور الموضع المزور شبه المثلث في جهة الشام) قال و أسند عن عمر بن علي بن عمر بن علي بن الحسين أن بيت فاطمة في موضع الزور مخرج النبي صلى الله عليه و آله و كانت فيه كوة إلى بيت عائشة فكان رسول الله صلى الله عليه و آله إذ قام إلى المخرج اطلع من الكوة إلى فاطمة فعلم خبرهم فدخلت عائشة المخرج في جوف الليل فأبصرت المصباح عندهم و ذكر كلاما وقع بينهما فلما أصبحوا سألت النبي صلى الله عليه و آله أن يسد الكوة فسدها (إلى أن قال) : و يشهد لذلك (أي كون موضع بيت فاطمة في الزور) ما أسنده يحيى عن مسلم عن ابن أبي مريم أن عرض بيت فاطمة إلى الأسطوانة التي خلف الأسطوانة المواجهة للزور و كان بابه في المربعة التي في القبر قال: و قد د أبو غسان عن مسلم بن سالم قال عرس علي بفاطمة إلى الأسطوانة التي خلف الأسطوانة المواجهة الزور و كانت داره في المربعة التي في القبر قال سليمان و قال مسلم لا تنس حظك من الصلاة إليها فإنه باب فاطمة التي كان علي يدخل إليها منه و قد رأيت حسن بن زيد يصلي إليها.و قوله عرس بها إلخ يخالف ما مر من أنه بنى بها في دار استأجرها.
حزنها بعد أبيها صلىاللهعليهوآروى الكليني بسنده عن الصادق عليه السلام قال عاشت فاطمة بعد رسول الله صلى الله عليه و آله خمسة و سبعين يوما لم تر كاشرة و لا ضاحكة تأتي قبور الشهداء في كل جمعة مرتين الإثنين و الخميس فتقول: هاهنا كان رسول الله صلى الله عليه و آله و هاهنا كان المشركون (اية) عن الصادق عليه السلام أنها كانت تصلي هناك و تدعو حتى ماتت (و روى) ابن شهرآشوب في المناقب عن الباقر عليه السلام قال : ما رأيت فاطمة ضاحكة قط منذ قبض رسول الله صلى الله عليه و آله حتى قبضت و في السيرة النبوية لأحمد ابن زيني دحلان عاشت فاطمة بعد أبيستة أشهر فما ضحكت تلك المدة. و روى أبو نعيم في حلية الأولياء بسنده عن أبي جعفر »هو الباقر عليه السلام« قال ما رتبت فاطمة ضاحكت بعد رسول الله صلى الله عليه و آله إلا يوما افترت بطرف نابها قال و مكثت بعده ستة أشقال ابن شهرآشوب في المناقب روي أنها ما زالت بعد أبيها معصبة الرأس ناحلة الجسم منهدة الركن باكية العين محترقة القلب يغشى عليها ساعة بعد ساعة و تقول لولديها أين أبوكما الذي كان يكرمكما و يحملكما مرة بعد مرة أين أبوكما الذي كان أشد الناس شفقة عليكما فلا يدعكما تمشيان على الأرض و لا أراه يفتح هذا الباب أبدا و لا يحملكما على عاتقه كما لم يزل يفعل بكما (و روي) أنه لما قبض النبي صلى الله عليه و آله امتنع بلال من الأذان و قال لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و إن فاطمة قالت ذات يوم اشتهي أن أسمع صن أبي بأذان فبلغ ذلك بلالا فأخذ في الأذان فلما قال الله أكبر الله أكبر ذكرت أباها و أيامه فلم تتمالك من البكاء فلما بلغ إلى قوله أشهد أن محمدا رسول الله شهقت فاطمة و سقطت لوجهها و غشي عليها فقال الناس لبلال أمسك فقد فارقت ابنة رسول الله الدنيا و ظنوا أنها قد ماتت فلم يتم الأذان فأفاقت فسألته إتمامه فلم يفعل و قال لها يا سيدة النسوان إني أخشى عليك مما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان فأعفته من ذلك»و عن« علي عليه السلام قال غسلت النبي صلى الله عليه و آله في قميصه فكانت فاطمة تقول أرني القميص فإذا شمته غليها فلما رأيت ذلك غيبته.
خطبة الزهراء عليها السلام في مرضها بمحضر نساء المهاجرين و الأنصار
في إحتجاج الطبرسي مرسلا عن سويد بن غفلة و في معاني الأخبار و شرح النهج لابن أبي الحديد بالإسناد عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين عليه السلام و في أمالي الشيخ بسنده عن ابن عباس و في كشف الغمة عن صاحب كتاب السقيفة أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوري عن رجاله عن عبد الله بن حسن عن أمه فاطمة بنت الحسين أنها لما مرضت فاطمة الزهراء عليها السلام المرضة التي توفيت فيها و اشتدت علتها اجتمعت إليها نساء المهاجرين و الأنصار ليعدنها فسلمن عليها و قلن لها كيف أصبحت من علتك»من ليلتك خ ل«يا بنت رسول الله صلىاللعليهوآله فحمدت الله تعالى و صلت على أبيها ثم قالت: أصبحت و الله عائفة لدنياكن قالية لرجالكن لفظتهم بعد أن عجمتهم و شنأتهم بعد أن سبرتهم فقبحا لفلول الحد و اللعب بعد الجد و قرع الصفاة )1( كناية عن النيل بسوء. و صدع القناة و خطل الآراء و زلل الأهواء »و ئسما قدمت لهم أنفسهم إن سخط الله عليهم و في العذاب هم خالدون« لا جرم و الله لقد قلدتهم ربقتها و حملتهم أوقتها )2( ثقلها. و شننت عليهم غارتها فجدعا و عقرا و بعدا للقوم الظالمين ويحهم أنى زعزعوها عن رواسي الرسالة و قواعد النبوة و الدلالة و مهبط الروح الأمين و الطيبين ]الطبين[ )3( الفطن الحاذق. بأمور الدنيا و الدين ألا ذلك هو الخسران المبين، و ما الذي نقموا من أبي الحسن نقموا منه و الله نكير سيفه و قلة مبالاته بحتفه و شدة وطأته و نكال وقعته و تنمره في ذات الله عز و جل و تالله لو مالوا عن المحجة اللائحة و زالوا عن قبول الحجة الواضحة لردهم إليها و حملهم عليها و تالله لو تكافوا عن زمام نبذه إليه رسول الله صلى الله عليه و آله لأعتلقه و لسار بهم سجحا لا يكلم خشاشه )4( الخشاش بكسر الخاء المعجمة ما يجعل في أنف البعير من خشب و يشد به الزمام ليكون أسرع لانقياده .(المؤلف( و لا يكل سائره و لا يمل راكبه و لا وردهم منهلا نميرا صافيا رويا فضفاضا تطفح ضفتا لا يترنق جانباه و لا صدرهم بطانا و نصح لهم سرا و إعلانا و لم يكن يتحلى من الغنى بطائل و لا يحظى من الدنيا بنائل غير ري الناهل و شبعة الكافل و لبان لهم الزاهد من الراغب و الصادق من الكاذب (و لو أن أهل القرى آمنوا و اتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء و الأرض و لكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون و الذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا و ما هم بمعجزين) ألا هلم فاستمع و ما عشت أراك الدهر عجبا »و إن تعجب فعجب قولهم«، ليت شعري إلى أي لجإ لجئوا و إلى أي سناد استندوا و على أي عماد اعتمدوا و بأي عروة تمسكوا و على أي ذرية قدموا و احتنكوا »لبئس المولى و لبئس العشير و بئس للظالمين بدلا« استبدلوا و الله الذنابى بالقوادم و العجز بالكاهل فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا »ألا أنهم هم المفسدون و لكن لا يشعرون« ويحهم »أ فمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي ألا أن يهدي فما لكم كيف تحكمون« أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ثم احتلبوا ملء العقب دما عبيطا و ذعافا و اطمئنوا للفتنة جاشا و أبشروا بسيف صارم و سطوة معتد غام و بهرج دائم شامل و استبداد من الظالمين يدع فياكم زهيدا و جمعكم حصيدا فيا حسرة لكم و إني بكم و قد عميت عليكم »أ نلزمكموها و أنتم لها كارهون«.
قال سويد بن غفلة : فأعادت النساء قولها على رجالهن فجاء إليها قوم من المهاجرين و الأنصار معتذرين و قالوا يا سيدة النساء لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر من قبل أن يبرم العهد و يحكم العقد لما عدلنا عنه إلى غيره »فقالت عليها السلام« إليكم عني فلا عذر بعد تعذيركم و لا أمر بعد تقصيركم.
أوقافها و صدقاتها
كان لها سبعة بساتين وقفتها على بني هاشم و بني المطلب و جعلت النظر فيها و الولاية لعلي عليه السلام مدة حياته و بعده للحسن و بعده للحسين و بعده للأكبر من ولدها. روى الكليني في الكافي بسنده عن الصادق عليه السلام أن فاطمة عليها السلام جعلت صدقتها لبني هاشم و ي المطلب و بسنده عن الباقر عليه السلام أنه أخرج حقا أو سفطا فأخرج منه كتابا فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم.هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد رسول الله صلى الله عليه و آله أوصت بحوائطها السبعة العواف و الذلال .و البرقة .و المبيت .و الحسني .و الصافية .و ما لأم هيم إلى علي بن أبي طالب فإن مضى علي فإلى الحسن فإن مضى الحسن فإلى الحسين فإن مضى الحسين فإلى الأكبر من ولدي شهد الله على ذلك و المقداد بن الأسود و الزبير بن العوام و كتب علي بن أبي طالب.
بسنده عن الصادق عليه السلام نحوه إلا أنه قال إلى الأكبر من ولدي دون ولدك و بسنده عن أبي الحسن الثاني عليه السلام أنه سئل عن الحيطان السبعة التي كانت ميراث رسول الله صلى الله عليه و آله لفاطمة فقال: إنما كانت وقفا فكان رسول الله صلى الله عليه و آله ي منها ما ينفق على أضيافه و التابعة تلزمه فيها فلما قبض جاء العباس يخاصم فاطمة فيها فشهد علي و غيره أنها وقف على فاطمة و عدها كما تقدم (و في رواية) عن الصادق عليه السلام أن المبيت هو الذي كاتب عليه سلمان فأفاءه الله على رسوله فهو في صدقتها. (أقول) ربما يتوهم التنافي بين هذه الأخبار فبعضها يدل على أنها تصدقت بها على بني هاشم و بني المطلب أي وقفتها عليها و لازم ذلك أنها كانت ملكا لها إذ لا وقف إلا في ملك و بعضها دال على أن النبي صلى الله عليه و آله كان قد وقفها عليها و حينئذ فكيف تقفها على بهاشم و بني المطلب فإن الوقف لا يوقف و يمكن الجمع بأن النبي صلى الله عليه و آله وقفها عليها في حياتها و بعدها على بني هاشم و بني المطلب و جعل النظر فيها على الترتيب الذي جعلته.أو إنه وقفها عليها ثم على من تختاره بعدها فهي بوصيتها حاكية لا منشئوصيتها
من وصاياها
لما مرضت فاطمة الزهراء عليها السلام مرضها الذي توفيت فيه جعلت توصي عليا عليه السلام و تعهد إليه عهودها (فمما) جاء في وصيتها ما روي أن عليا عليه السلام وجده عند رأسها بعد ما توفيت و هي رقعة فيها :بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله أوصت و هي تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله و أن الجنة حق و النار حق و أن الساعة آتية لا ريب فيها و أن الله يبعث من في القبور يا علي حنطني و غسلني و كفني و صل عليادفني بالليل و لا تعلم أحدا و استودعك الله و اقرأ على ولدي السلام إلى يوم القيامة.
و ذكر جماعة أنها لما مرضت دعت أم أيمن و أسماء بنت عميس و عليا عليه السلام و أوصت إلى علي بثلاث وصايا : (الأول) أن يتزوج بأمامة بنت أختها زينب لحبها أولادها و قالت إنها تكون لولدي مثلي (و في رواية) قالت بنت أختي و تحني على ولدي.و أمامة هذه هي بنت أبي العاص بن الربيع و هي التي روي أن رسول الله صلى الله عليه و آله كان يحملها في الصلاة و أمها زينب بنت رسول ا صلى الله عليه و آله فلما توفيت الزهراء عليها السلام تزوج أمير المؤمنين عليه السلام أمامة كما أوصته و من أجل ذلك قال: أربعة ليس إلى فراقهن سبيل و عد منهن أمامة قال أوصت بها فاطم (الثانية) أن يتخذ لها نعشا و وصفته له (و في رواية) أن أسماء بنت عميس قالت لها إني إذ كنت بأرض الحبشة رأيتهم يصنعون شيئا فإن أعجبك أصنعه لك فدعت بسرير فأكبته لوجهه ثم دعت بجرائد فشدتها على قوائمه و جعلت عليه نعشا ثم جللته ثوبا فقالت فاطمة عليها السلام اصنعي لي مثله استريني سترك الله من النار.
و في الإستيعاب بسنده أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله قالت لأسماء بنت عميس إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء أنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها فقالت أسماء يا بنت رسول الله ألا أريك شيئا رأيته بأرض الحبشة فدعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت عليها ثوبا فت فاطمة ما أحسن هذا و أجمله تعرف به المرأة من الرجل ثم قال: فاطمة أول من غطي نعشها في الإسلام على الصفة المذكورة ثم بعدها زينب بنت جحش »اه« و كانت الزهراء عليها السلام لشدة محافظتها على الستر و العفاف حتى أنها لما قال لها أبوها صلى الله عليه و آله ما خير رأة قالت أن لا ترى رجلا و لا يراها رجل مهتمة كثيرا لأمر وضعها على السرير و حملها ظاهرة و شكت ذلك إلى أسماء بنت عميس فوصفت لها النعش فتبسمت فرحا بذلك بعد أن لم تر ضاحكة و لا متبسمة بعد وفاة أبيها إلى ذلك الحين و بذلك يعرف قدر اهتمامها بهذا الأمر.
روى الحاكم في المستدرك بسنده عن علي بن الحسين عن ابن عباس قال مرضت فاطمة مرضا شديدا فقالت لأسماء بنت عميس ألا ترين إلى ما بلغت احمل على السرير ظاهرا فقالت أسماء لا لعمري و لكن أصنع لك نعشا كما رأيت يصنع بأرض الحبشة قالت فأرينيه فأرسلت أسماء إلى جرائد رطبة و جعلت على السرير نعشا و هو أول ما كان النعش قالت أسماء فتبسمت فاطمة و ما رأيتها مبتسمة بعد أبيها إلا يومئذ الحديث (و بضدها تتميز الأشياء) .
(الثالثة) أن لا يشهد أحدا جنازتها ممن كانت غاضبة عليهم و أن لا يترك أن يصلي عليها أحد منهم و أن يدفنها ليلا إذا هدأت العيون و نامت الأبصار و يعفي قبرها.
»و كان«مما أوصت به عليا عليه السلام أن تحنط بفاضل حنوط رسول الله صلى الله عليه و آله و كان أربعين درهما فقسمه رسول الله صلى الله عليه و آله أثلاثا ثلثا لنفسه و ثلثا لعلي و ثلثا لفاطمة و أن يغسلها في قميصها و لا يكشفه عنها لأنها كانت قد اغتسلت قبل وفاتر و تنظفت و لبست ثيابها الجدد و من ذلك توهم بعضهم أن المراد أن تدفن بذلك الغسل و هو غير صحيح كما يأتي»و في رواية«أنها أوصت لأزواج النبي صلى الله عليه و آله لكل واحدة منهن باثنتي عشرة أوقية و الأوقية أربعون درهما و لنساء بني هاشم مثل ذلك و أوصت لأمامة بنتتها زينب بشيء.و روى ابن عبد البر في الإستيعاب أن فاطمة عليها السلام قالت لأسماء بنت عميس إذا أنا مت فاغسليني أنت و علي و لا تدخلي علي أحدا.و روى أبو نعيم في الحلية أنها لما حضرتها الوفاة أمرت عليا فوضع لها غسلا فاغتسلت و تطهرت و دعت بثياب أكفانها فأتيت بثياب غلاظ خشن فلبستها و مست من الحنوط ثم أمرت عليا أن لا تكشف إذا قبضت و أن تدرج كما هي في ثيابها»اه« و الظاهر أن هذا الغسل الذي اغتسلته عليها السلام كان لأجل التنظيف و التطهر لتغسل بعد وفاتها في ثيابها طاهرة نظيفة و لا تكشف لأنه أبلغ في الستر و أقل كلفة على من يغسلها لا أنه كان غسل الأموات لعدم جواز تقديمه على الموت في مثل المقام و توهم بعضهم أنه غسل الأموات و ليس بصواب فلما توفيت صاح أهل المدينة صيحة واحدة و اجتمعت نساء بني هاشم في دارها فصرخن صرخة واحدة كادت المدينة تتزعزع من صراخهن و هن يقلن يا سيدتاه يا بنت رسول الله و أقبل الناس مثل عرف الفرس إلى علي عليه السلام و هو جالس و الحسن و الحسين عليهما السلام بين يديه يبكيان فبكى الناس لبكائهما و خرجت أم كلثوم و عليها برقعها تجر ذيلها متجللة برداء و هي تبكي و تقول يا أبتاه يا رسول الله الآن حقا فقدناك فقدا لا لقاء بعده أبدا و جتمع الناس فجلسوا و هم يرجون و ينتظرون أن تخرج الجنازة فيصلوا عليها فخرج أبو ذر و قال انصرفوا فإن ابنة رسول الله قد أخر إخراجها هذه العشية فقام الناس و انصرفوا.
وفاة السيدة الزهراء عليها السلام
و في كتاب روضة الواعظين : أن فاطمة عليها السلام لم تزل بعد وفاة أبيها صلى الله عليه و آله مهمومة مغمومة محزونة مكروبة كئيبة باكية ثم مرضت مرضا شديدا و مكثت أربعين ليلة في مرضها إلى أن توفيت عليها السلام فلما نعيت إليها نفسها دعت أم أيمن و أسماء بنت عميس و ت خلف علي فأحضرته فقالت يا ابن عم إنه قد نعيت إلي نفسي و إنني لا أرى ما بي إلا إنني لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة و أنا أوصيك بأشياء في قلبي.قال لها علي عليه السلام أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله فجلس عند رأسها و أخرج من كان في البيت ثم قالت يا ابن عم ما عهتني كاذبة و لا خائنة و لا خالفتك منذ عاشرتني فقال عليه السلام معاذ الله أنت أعلم بالله و أبر و أتقى و أكرم و أشد خوفا من الله من أن أوبخك بمخالفتي و قد عز علي مفارقتك و فقدك إلا أنه أمر لا بد منه و الله لقد جددت علي مصيبة رسول الله صلى الله عليه و آله وعظمت وفاتك و فقدك فإنا لله و إنا إليه راجعون من مصيبة ما أفجعها و آلمها و أمضها و أحزنها هذه و الله مصيبة لا عزاء عنها و رزية لا خلف لها ثم بكيا جميعا ساعة و أخذ علي رأسها و ضمها إلى صدره ثم قال أوصيني بما شئت فإنك تجديني وفيا أمضي كل ما أمرتني به و اختار أمرك على أمري قالت جزاك الله عني خير الجزاء يا ابن عم ثم أوصته بما أرادت فقام أمير المؤمنين عليه السلام بجميع ما وصته به فغسلها في قميصها و أعانته على غسلها أسماء بنت عميس . قال ابن عبد البر في الإستيعاب : غسلها علي بن أبي طالب مع أسماء بنت عميس .و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أسماء بنت عميس قالت غسلت أنا و علي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله »اه« و كان علي هو الذي يباشر غسلها و أسماء تعينه على ذلك و بهذا يرتفع استبعاد بعضهم أن تغسلها أسماء مع علي و هي أجنبية عنه لأنها كانت يومئذ زوجة بكر و في بعض الأخبار أنه أمر الحسن و الحسين عليهما السلام يدخلان الماء و لم يحضرها غيره و غير الحسنين و زينب و أم كلثوم و فضة جاريتها و أسماء بنت عميس : قال ابن عبد البر في الإستيعاب : فلما توفيت جاءت عائشة تدخل فقالت أسماء لا تدخلي فشكت إلى أبي بكر فقالت إن هذه الخثعمية تحول بيننا و بين بنت رسول الله صلى الله عليه و آله و قد جعلت لها مثل هودج العروس فجاء فوقف على الباب فقال يا أسماء ما حملك على أن منعت أزواج النبي صلى الله عليه و آله أن يدخلن على بنت رسول الله صلى الله عليه و آله و جعلت لها مثل هودج الت أمرتني أن لا يدخل عليها أحد و أريتها هذا الذي صنعت و هي حية فأمرتني أن أصنع ذلك لها قال أبو بكر فاصنعي ما أمرتك ثم انصرف»اه« و كفنها علي عليه السلام في سبعة أثواب و حنطها بفاضل حنوط رسول الله صلى الله عليه و آله ثم صلى عليها و كبر خمسا و دفنها في جوليل و عفى قبرها و لم يحضر دفنها و الصلاة عليها إلا علي و الحسنان عليهم السلام و عمار و المقداد و عقيل و الزبير و أبو ذر و سلمان و بريدة و نفر من بني هاشم و خواص علي عليه السلامو اختلف في موضع دفنها فقيل دفنت في بيتها و هو الأصح الذي يقتضيه الاعتبار و قيل دفنت في البقيع و سوى علي عليه السلام حول قبرها قبورا مزورة حتى لا يعرف أحد موضعه.و روى ابن سعد في الطبقات أنه نزل في حفرة فاطمة العباس و علي و الفضل . و روى عدة روايات بعدة أسايد أن عليا عليه السلام هو الذي صلى عليها.و روى ابن سعد أيضا روايات كثيرة بعدة أسانيد عن الزهري أن عليا عليه السلام دفن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله لو بسنده عن جابر عن الباقر عليه السلام قال دفنت فاطمة ليلا. و روى أيضا عدة روايات عن موسى بن علي عن بعض أصحابه و عن عائشة و عن يحيى بن سعيد أن فاطمة دفنت ليلا بسنده عن علي بن الحسين قال سألت ابن عباس متى دفنتم فاطمة فقال دفناها بليل بعد هدأة قلت فمن صلى علها قال علي (و روى) الحاكم بسنده عن عائشة قالت دفنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله ليلا و لم يشعر بها أبو بكر حتى دفنت و صلى عليها علي بن أبي طالو قال ابن عبد البر في الإستيعاب صلى عليها علي بن أبي طالب و هو الذي غسلها مع أسماء بنت عميس و كانت أشارت عليه أن يدفنها ليلا. و أورد السمهودي في وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى عدة روايات دالة على أنها دفنت ليلا و منها ما حكاه عن البيهقي أنه قال و قد ثبت أن أبا بكر لما يعلم بوفاة فاطمة عليها السلام لما ثبت في الصحيح أن عليا دفنها ليلا و لم يعلم أبا بكر . و عن الطبري في دلائل الإمامة عن محمد بن همام أن عليا عليه السلام دفنها بالروضة و عمى موضع قبرها قال و أصبح البقيع ليلة دفنت و فيه أربعون قبرا جدد.»و روي «أن أمير المؤمنين قام بعد دفنها عليها السلام فحول وجهه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه و آله ثم قال: السلام عليك يا رسول الله عني و عن ابنتك و زائرتك النازلة في جوارك و البائتة في الثرى ببقعتك و المختار الله لها سرعة اللحاق بك قل يا رسول الله عن صف صبري و رق عنها تجلدي إلا أن في التأسي بعظيم فرقتك و فادح مصيبتك موضع تعز فلقد وسدتك في ملحود قبرك و فاضت بين نحري و صدري نفسك بلى و في كتاب الله لي نعم القبول إنا لله و إنا إليه راجعون قد استرجعت الوديعة و أخذت الرهينة و اختلست الزهراء فما أقبح الخضراء و الغبراء يا رسول الله أما حزني فسرمد و أما ليلي فمسهد إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم كمد مقيح و هم مهيج سرعان ما فرق بيننا و إلى الله أشكو و ستنبئك ابنتك بتضافر أمتك على هضمها فاحفها السؤال و استخبرها الحال فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا و ستقول و يحكم الله و هو خير الحاكمين و السلام عليكما سلام مودع لا قال و لا سئم فإن انصرف فلا عن ملالة و إن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين واها واها و الصبر أيمن و أجمل و لو لا غلبة المستولين لجعلت المقام و اللبث لزاما معكوفا و لأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية فبعين الله تدفن ابنتك سرا و تهضم حقها و تمنع إرثها و لم يطل العهد و لم يخلق منك الذكر إلى الله يا رسول الله المشتكى و فيك يا رسول الله أحسن العزاء صلى الله عليك و عليك و عليها السلام و الرضوان. و لما دفنها علي عليه السلام قام علىشفير القبر فأنشأ يقول و قال الحاكم في المستدرك لما ماتت فاطمة قال علي بن أبي طالب :
لكل اجتماع من خليلين فرقة و كل الذي دون الفراق قليل
و إن افتقادي فاطما بعد أحمد دليل على أن لا يدوم خلي
لو عن الطبري في دلائل الإمامة عن محمد بن همام أن المسلمين لما علموا وفاتها جاءوا إلى البقيع فوجدوا فيه أربعين قبرا فأشكل عليهم موضع قبرها من سائر القبور فضج الناس و لام بعضهم بعضا و قالوا لم يخلف نبيكم فيكم إلا بنتا واحدة تموت و تدفن و لم تحضروا وفاتها و الصلاة عليها و لا تعرفوا قبرها ثم قال ولاة الأمر منهم هاتوا من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى نجدها فنصلي عليها و نزور قبرها فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فخرج مغضبا قد احمرت عيناه و درت أوداجه و عليه قباؤه الأصفر الذي كان يلبسه في كل كريهة و هو تكئ على سيفه ذي الفقار حتى ورد البقيع فسار إلى الناس النذير و قالوا هذا علي بن أبي طالب قد أقبل كما ترونه يقسم بالله لئن حول من هذه القبور حجر ليضعن السيف على غابر الآخر فتلقاه بعضهم فقال له ما لك يا أبا الحسن و الله لننبشن قبرها و لنصلين عليها فضرب علي عليه السلام بيده إلى جوامع ثوبه فهزه ثم ضرب به الأرض و قال أما حقي فقد تركته مخافة أن يرتد الناس و أما قبر فاطمة فو الله الذي نفس علي بيده لأن رمت و أصحابك شيئا من ذلك لأسقين الأرض من دمائكم فإن شئت فأعرض فتلقاه آخر فقال يا أبا الحسن بحق رسول الله و بحق من وق العرش إلا خليت عنه فأنا غير فاعلين شيئا تكرهه فخلى عنه و تفرق الناس و لم يعودوا إلى ذلك.
ونسألكم الدعاء.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
« سيرة الشهيدة فاطمة الزهراء عليها السلام »
مولدها
ولدت بمكة يوم الجمعة العشرين من جمادى الآخرة بعد المبعث بسنتين قاله الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد قال و في رواية أخرى سنة خمس من المبعث و قال الكليني و ابن شهرآشوب ولدت بعد المبعث بخمس سنين و هو المروي عن الباقر عليه السلام و هو المشهور بين أصحابنا. و في شف الغمة عن ابن الخشاب في مواليد و وفيات أهل البيت عليهم السلام مرفوعا عن الباقر عليه السلام أنها ولدت بعد النبوة بخمس سنين و قريش تبني البيت و لعله اشتباه من الراوي أو سهو من النساخ فبناء الكعبة كان قبل النبوة لا بعدها و يدل عليه ما في مقاتل الطالبيين أا ولدت قبل النبوة و قريش تبني الكعبة .
و روى الحاكم في المستدرك و ابن عبد البر في الإستيعاب أنها ولدت سنة إحدى و أربعين من مولد النبي صلى الله عليه و آله أي بعد البعثة بسنة. و في الإصابة ولدت بعد البعثة بسنة. و أكثر علماء أهل السنة تروي أنها ولدت قبل البعثة بخمس سنين و لعله وقع اشتباه من الروبين كلمتي قبل و بعد.
كنيتها و لقبها
كانت تكنى أم أبيها و تلقب بالزهراء و بالبتول ، قال الهروي في شرح الغريبين سميت مريم بتولا لأنها تبتلت عن الرجال و سميت فاطمة بتولا لأنها تبتلت عن النظير »انتهى«.
نقش خاتمها
أمن المتوكلون.
بوابها
فضة أمتها.
صفتها
روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أنس بن مالك و ابن شهرآشوب في المناقب عنه قال سألت أمي عن صفة فاطمة عليها السلام فقالت كانت كأنها القمر ليلة البدر أو الشمس كفرت غماما أو خرجت من السحاب و كانت بيضاء بضة أشد الناس برسول الله صلى الله عليه و آله شبها و عن عطان أبي رباح كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله تعجن و إن قصبتها )1( القصبة الخصلة الملتوية من الشعر. تضرب إلى الجفنة. و في كشف الغمة أن بعض الوعاظ ذكر فاطمة عليها السلام و ما وهبها الله تعالى من المزايا و الفضائل و استخفه الطرب فانشدخجلا من نور بهجتها تتوارى الشمس بالشفقو حياء من شمائلها يتغطى الغصن بالورقفشق كثير من الناس ثيابهم و أوجب وصفها بكاءهم و انتحابهم (و روى) ابن عبد البر في الإستيعاب بأسانيده عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما و حديثا (و في رواية) سمتا و هديا و دلا برسول الله صلى الله عليه و آله من فاطمة و كانت إذا دخلت ع قام إليها فقبلها و رحب بها كما كانت تصنع هي به و في رواية لأبي داود كان إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها فقبلها و أجلسها في مجلسه و كانت إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته و أجلسته في مجلسها.
(و روى) الحاكم في المستدرك بسنده عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما و حديثا من فاطمة برسول الله صلى الله عليه و آله و كانت إذا دخلت عليه رحب بها و قام إليها فأخذ بيدها فقبلها و أجلسها في مجلسه قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و يخرجاه (و بسنده) عن عائشة ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما و حديثا برسول الله صلى الله عليه و آله من فاطمة و كانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها و رحب بها و أخذ بيدها فأجلسها في مجلسه و كانت هي إذا دخل عليها قامت إليه مستقبلة و قبلت يده.و قال صحيح على شرط الين (و جاء) في عدة روايات أن فاطمة عليها السلام أقبلت تمشي ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه و آله شيئا (و في كشف الغمة) عن أم سلمة أم المؤمنين قالت كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله أشبه الناس وجها برسول الله صلىاللهعلمناقبها و فضائلها
قول النبي صلى الله عليه و آله أنها بضعة مني أو شجنة )2( الشجنة الشعبة من كل شيء.( المؤلف ( مني روى البخاري في صحيحه بسنده أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال : فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني (و روى) النسائي في الخصائص بسنده عن المسور بن مخرمة أن لىاللهعليهوآله قال : فاطمة بضعة مني من أغضبها أغضبني. و روى مسلم في صحيحه في حديث إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها. و في رواية لمسلم إنما ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها و يؤذيني ما آذاها. و في الإصابة عن الصحيحين عن المسور بن مخرمة سمعت رسول اللهىاللهعليهوآله على المنبر يقول : فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها و يريبني ما راب (و روى) أبو نعيم في حلية الأولياء بسنده عن المسور بن مخرمة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و آله يقول : إنما فاطمة ابنتي بضعة مني يريبني ما أرابها و يؤذيني ما آذاها و قال رواه عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة عن المسور و رواه أيوب السختياني عن ابن أبي مليعن عبد الله بن الزبير نحوه.و عن صحيح الترمذي : أنها بضعة مني يريبني ما رابها و يؤذيني ما آذاها هذا حديث حسن صحيح.و عن صحيح الترمذي : إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها و ينصبني ما أنصبها هذا حديث حسن صحيح. و في الشفا أنها بضعة مني يغضبني ما يغضبها.
و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن المسور بن مخرمة قال رسول الله صلى الله عليه و آله: إنما فاطمة شجنة مني يبسطني ما يبسطها و يقبضني ما يقبضها و قال صحيح (و بسنده) عن المسور أنه بعث إليه حسن بن حسن يخطب ابنته فقال ما من نسب و لا سبب أحب إلي من نسبكم و سببك صهركم و لكن رسول الله صلى الله عليه و آله قال : فاطمة بضعة أو مضغة مني يقبضني ما يقبضها و يبسطني ما يبسطها و أن الأنساب يوم القيامة تنقطع غير نسبي و سببي و صهري و عندك ابنتها و لو زوجتك لقبضها ذلك فانطلق عاذرا له و قال هذا حديث صحيح ، و روى أبو الفرج الهاني في الأغاني أن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن السبط دخل على عمر بن عبد العزيز و هو حديث السن و له وقار و تمكين فرفع عمر مجلسه و أكرمه و قضى حوائجه فسأل عمر عن ذلك فقال إن الثقة حدثني حتى كأني أسمع من في رسول الله صلى الله عليه و آله أنه قال إنما فة بضعة مني يسرني ما يسرها و يغضبني ما يغضبها فعبد الله بضعة من بضعة رسول الله صلىاللهعليهوآلشدة حب النبي صلى الله عليه و آله فاطروى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي ثعلبة الخشني : كان رسول الله صلى الله عليه و آله إذا رجع من غزاة أو سفر أتى المسجد فصلى فيه ركعتين ثم ثنى بفاطمة ثم يأتي أزواجه (و بسنده) عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و آله كان إذا سافر كان آخر الناس عهدا به فاطذا قدم من سفر كان أول الناس به عهدا فاطمة . و روى ابن شهرآشوب في المناقب بعدة أسانيد عن عائشة أن عليا قال للنبي صلى الله عليه و آله لما جلس بينه و بين فاطمة و هما مضطجعان أينا أحب إليك أنا أو هي؟قال: هي أحب إلى و أنت أعز علي. و لا يمكن أن يكون جواب أحسن هذا عند السؤال عن منزلة علي و فاطمة عند الرسول صلى الله عليه و آله ففاطمة أحب إليه حب حنان و شفقة و رأفة و علي أعز عليه عزة فضل و مكانأحب النساء إليه صلى الله عليه و آله فاطفي الإستيعاب بسنده سئلت عائشة أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه و آله قالت فاطمة قلت فمن الرجال قالت زوجها إن كان ما علمته صواما قواما، و رواه الحاكم في المستدرك بسنده عن جميع بن عمير و صححه دخلت مع عمتي على عائشة فسئلت أي الناس كان أحب إلى رسالله صلى الله عليه و آله و ذكر مثله، و رواه الترمذي أيضزهدها عليها السلامروى الحاكم في المستدرك بسنده أن رسول الله صلى الله عليه و آله دخل على فاطمة و قد أخذت من عنقها بسلسلة من ذهب فقالت هذه أهداها إلى أبو حسن فقال رسول الله صلى الله عليه و آله يا فاطمة أيسرك أن يقول الناس فاطمة بنت محمد و في يدك سلسلة من نار ثم خرج و لم يمدت فاطمة إلى السلسلة فاشترت غلاما فأعتقته فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و آله فقال : الحمد لله الذي نجى فاطمة من النار قال صحيح على شرط الشيخينو روى أحمد بن حنبل في مسنده عن ثوبان مولى رسول الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه و آله إذا سافر آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة و أول من يدخل عليه إذ قدم فاطمة فقدم من غزاة فأتاها فإذا بمسح على بابها»و هو كساء معروف«و رأى على الحسن و الحسين عليهماالسلاُلبين (أي سوارين) من فضة فرجع و لم يدخل عليها فظنت أنه من أجل ما رأى فهتكت الستر و نزعت القلبين من الصبيين فقطعتهما فبكى الصبيان فقسمته بينهما فانطلقا إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و هما يبكيان فأخذه منهما و قال : يا ثوبان اذهب بهذا إلى بني فلان و اشلفاطمة قلادة من عصب»و هو سن دابة بحرية«و سوارين من عاج فان هؤلاء أهل بيتي و لا أحب أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا. (قال) و عن جعفر بن محمد عن أبيه: قدم على رسول الله صلى الله عليه و آله قوم عراة بالروم فدخل على فاطمة و قد سترت سترا قال أيسرك أن يستركله يوم القيامة فأعطينيه فأعطته فخرج به فشقه لكل إنسان ذراعين في ذراع.
صدق لهجتها
في الإستيعاب بسنده عن عائشة ما رأيت أحدا كان أصدق لهجة من فاطمة إلا أن يكون الذي ولدها صلى الله عليه و آله. و روى أبو نعيم في الحلية بسنده عن عائشة ما رأيت أحدا قط أصدق من فاطمة غير أبيهمناقب أهل البيت آية التطهير و حديث الكساء
قال الله تعالى في سورة الأحزاب (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) . نزلت في علي و فاطمة و ابنيهما. روى الواحدي في أسباب النزول بسنده عن أبي سعيد قال: نزلت في خمسة في النبي صلى الله عليه و آله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهسلام و في الإصابة قالت أم سلمة : في بيتي نزلت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا قالت فأرسل رسول الله صلى الله عليه و آله إلى فاطمة و علي و الحسن و الحسين عليهم السلام فقال هؤلاء أهل بيتي»الحديث«أخرجه الترمذي و الحاكم في المستدرك ل صحيح على شرط مسلم »اه« أقول: الذي في المستدرك و تلخيصه صحيح على شرط البخاري و لم يخرجاه. و في الدر المنثور : أخرج الترمذي و صححه و ابن جرير و ابن المنذر و الحاكم و صححه و ابن مردويه و البيهقي في سننه من طرق عن أم سلمة قالت في بيتي نزلت: »إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت« و في البيت فاطمة و علي و الحسن و الحسين فجللهم صلى الله عليه و آله بكساء كان عليه ثم قال هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.و أخرج ابن مردويه عن أم سلمة قالت نزلت هذه الآية في بيتي إنما يريد الله الآية و في البيت سبجبريل و مكائيل و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و أنا على باب البيت قلت يا رسول الله أ لست من أهل البيت قال إنك إلى خير أنك من أزواج النبي صلىاللهعليهوآلو أخرج ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و الطبراني و ابن مردويه عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه و آله أن رسول الله صلى الله عليه و آله كان ببيتها على منامة له عليه كساء خيبري فجاءت فاطمة ببرمة فيها خزيرة فقال رسول الله صلى الله عليه و آله ادعيبنيك حسنا و حسينا فدعتهم فبينما هم يأكلون إذ نزلت على رسول الله صلى الله عليه و آله »إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا« فأخذ النبي صلى الله عليه و آله بفضلة إزاره فغشاهم إياه ثم أخرج يده من الكساء و أومأ إلى السماء ثم قال: اللهم أهل بيتي و خاصتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا قالها ثلاث مرات قالت أم سلمة فأدخلت رأسي في الستر فقلت: يا رسول الله و أنا معكم؟فقال إنك إلى خير مرتين.و رواه في أسد الغابة بسنده عن أم سلمة نحوه. و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن واثلة بن الأسقع : أتيت عليا عليه السلام فلم أجده، فقالت لي فاطمة انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه و آله يدعوه فجاء مع رسول الله صلى الله عليه و آله فدخلا و دخلت معهما فدعا رسول الله صلى الله عليه و آله الحسن و الحسين فأقعد كل واحد منهما على فخذيه و أدنى فاطمة من حجره و زوجليهم ثوبا و قال: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا، ثم قال هؤلاء أهل بيتي اللهم أهل بيتي أحق.هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن عامر بن سعد عن سعد : نزل على رسول الله صلى الله عليه و آله الوحي فأدخل عليا و فاطمة و ابنيهما تحت ثوبه ثم قال اللهم هؤلاء أهلي أهل بيتي (و بسنده) عن عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب : لما نظر رسول الله صلى الله عليه و آله إلى الرحمة هابطة قال ادعوا لي ادعوا لي فقالت صفية من ي الله قال أهل بيتي علي و فاطمة و الحسن و الحسين فجيء بهم فألقى عليهم النبي صلى الله عليه و آله كساءه ثم رفع يديه ثم قال: اللهم هؤلاء آلي فصل على محمد و على آل محمد.و أنزل الله عز و جل»إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا« قال هذا حصحيح الإسناد و قد صحت الرواية على شرط الشيخين أنه علمهم الصلاة على أهل بيته كما علمهم الصلاة على آله.
حديث الثقلين
روى الحاكم في المستدرك و قال صحيح على شرط الشيخين بسنده عن زيد بن أرقم قال رسول الله صلى الله عليه و آله إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و أهل بيتي و إنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض و سيأتي الكلام على أحاديث الثقلين بأبسط من هذا في سيرة أمير المؤمنين هالسلام في الجزء الثاني.و من مناقب أهل البيت عليهم السلامما رواه الحاكم في المستدرك و قال حسن صحيح على شرط مسلم بسنده عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال يا بني عبد المطلب إني سألت الله لكم ثلاثا أن يثبت قائمكم و أن يهدي ضالتكم و أن يعلم جاهلكم و سألت الله أن يجعلكم جوداء نجداء رحماء فلو أجلا صفن بين الركن و المقام فصلى و صام ثم لقى الله و هو مبغض لأهل بيت محمد دخل النار. و بسنده من رواية أحمد بن حنبل عن أبي هريرة : نظر النبي صلى الله عليه و آله إلى علي و فاطمة و الحسن و الحسين ع فقال أنا حرب لمن حاربكم و سلم لمن سالمكو بسنده عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال لعلي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام أنا حرب لمن حاربتم و سلم لمن سالمو بسنده عن ابن عباس و صححه قال رسول الله صلى الله عليه و آله أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة و أحبوني لحب الله و أحبوا أهل بيتي لحو بسنده عن أبي سعيد الخدري و صححه على شرط مسلم قال رسول الله صلى الله عليه و آله و الذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار (و في رواية) إلا أكبه الله في الناو بسنده عن عمر بن سعيد الأبح عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه و آله وعدني ربي في أهل بيتي من أقر منهم بالتوحيد و لي بالبلاغ أن لا يعذبهم.قال الحاكم : قال عمر بن سعيد الأبح و مات سعيد بن أبي عروبة يوم الخميس و كان حدث بهذاحديث يوم الجمعة مات بعده بسبعة أيام في المسجد فقال قوم لا جزاك الله خيرا صاحب »رفض« و بلاء و قال قوم جزاك الله خيرا صاحب سنة و جماعة أديت ما سمعت.هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه.
و بسنده عن عامر بن سعد عن أبيه و قال صحيح على شرط الشيخين لما نزلت هذه الآية: »ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم« دعا رسول الله صلى الله عليه و آله عليا و فاطمة و حسنا و حسينا فقال اللهم هؤلاء أهلو بسنده عن حنش الكناني سمعت أبا ذر يقول و هو آخذ بباب الكعبة من عرفني فأنا من عرفني و من أنكرني فأنا أبو ذر سمعت النبي صلى الله عليه و آله يقول : ألا أن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من قومه من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق أو هلو في وفاء الوفا عن علي عليه السلام: زارنا النبي صلى الله عليه و آله فبات عندنا و الحسن و الحسين نائمان و استسقى الحسن فقام النبي صلى الله عليه و آله إلى قربة لنا فجعل يعصرها في القدح ثم جعل يعبعبه فتناول الحسين فمنعه و بدأ بالحسن فقالت له فاطمة يا رس كأنه أحب إليك قال إنما استسقى أولا ثم قال رسول الله صلى الله عليه و آله إني و إياك و هذان و هذا الراقد يعني عليا يوم القيامة في مكان واحد. قال و عن أبي سعيد الخدري مثلهو روى الكليني في الكافي بسنده عن الصادق عليه السلام قال لما جاءت فاطمة تشكو إلى رسول الله صلى الله عليه و آله بعض أمرها أعطاها كربة (و هي أصل السعفة العريض الغليظ كانوا يكتبون عليه) فقال تعلمي ما فيها فإذا فيها من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يؤذي و من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليكرم ضيفه و من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيرا أو يسكت.
أخبارها
من أخبارها بمكة ما مر في السيرة النبوية عند ذكر استجابة دعائه ع أنه لما ألقت قريش سلا الجزور على ظهره و هو ساجد جاءت فاطمة فطرحته عنه.و هاجرت إلى المدينة بعد هجرة أبيها بلا فصل حين بعث عليه السلام إلى علي أن يهاجر بها و الفواطم و أراده صاحبه على دخول المدنة فقال ما أنا بداخلها حتى يأتي أخي و ابنتي.و من أخبارها بالمدينة أنه لما جرح النبي صلى الله عليه و آله يوم أحد جعل علي ينقل له الماء في درقته من المهراس و يغسله فلم ينقطع الدم فأتت فاطمة و جعلت تعانقه و تبكي و أحرقت حصيرا و جعلت على الجرح من رماده فانقطلدم»و في رواية«أنه عليه السلام لما انصرف إلى المدينة استقبلته فاطمة و معها إناء فيه ماء فغسل وجهه و أنه عليه السلام دفع إليها سيفه و قال اغسلي عن هذا دمه يا بنية و أن عليا ناولها سيفه و قال و هذا فاغسلي عنه فو الله لقد صدقني اليوم و أن الرسول ص قال لها خه يا فاطمة فقد أدى بعلك ما عليه كما مر في وقعة أحد و اختصها النبي صلى الله عليه و آله بذلك و لم يعط سيفه بعض أزواجه و هن كثيرات و مدح عليا ع بالشجاعة أمامها لتسر بشجاعة بعلهتزويج الزهراء بعلي عليه السلام في كشف الغمة روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لو لا أن الله تبارك و تعالى خلق أمير المؤمنين لفاطمة ما كان لها كفؤ على وجه الأرض (قال) و روى صاحب كتاب الفردوس عن النبي صلى الله عليه و آله لو لا علي لم يكن لفاطمة كفوء و في مناقب ابن شهرآشوب قد اشتهر في الصحاح بالأسانيد عن أمير المؤمنين و ابن عباس و ابن مسعود و جابر الأنصاري و أنس بن مالك و البراء بن عازب و أم سلمة بألفاظ مختلفة و ن متفقة أن أبا بكر و عمر خطبا إلى النبي صلى الله عليه و آله فاطمة مرة بعد أخرى فردهما.و روى أحمد في الفضائل عن بريدة أن أبا بكر و عمر خطبا إلى النبي صلى الله عليه و آله فاطمة فقال إنها صو روى محمد بن سعد كاتب الواقدي في الجزء الثامن من الطبقات الكبير بسنده أن أبا بكر خطب فاطمة إلى النبي صلى الله عليه و آله فقال انتظر بها القضاء فذكر ذلك لعمر فقال له ردك ثم أن أبا بكر قال لعمر اخطب فاطمة إلى النبي صلى الله عليه و آله فخطبها فقال له مثلل لأبي بكر انتظر بها القضاء فأخبر أبا بكر فقال له ردك (الحديث) (و بسنده) عن بريدة أنه قال نفر من الأنصار لعلي عندك فاطمة فأتى رسول الله صلى الله عليه و آله فسلم عليه فقال ما حاجة ابن أبي طالب قال ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله قال مرحبا ولم يزده عليهما فخرج على أولئك الرهط و هم ينتظرونه قالوا ما وراءك قال ما أدري غير أنه قال لي مرحبا و أهلا قالوا يكفيك من رسول الله إحداهما أعطاك الأهل أعطاك المرحب»الحديث«. (و روى) ابن سعد بسنده خطب علي فاطمة فقال لها رسول الله صلى الله عليه و آله إن علياكرك فسكتت فزوجها (و في البحار) عن الضحاك أن النبي صلى الله عليه و آله قال لفاطمة إن علي بن أبي طالب ممن قد عرفت قرابته و فضله في الإسلام و إني سألت ربي أن يزوجك خير خلقه و أحبهم إليه و قد ذكر من أمرك شيئا فما ترين فسكتت فخرج و هو يقول الله أكبر سكوتها إقها.
خطبة النبي صلى الله عليه و آله عند تزويجه فاطمة من علي عليهالسفي مناقب ابن شهرآشوب خطب رسول الله صلى الله عليه و آله على المنبر في تزويج فاطمة خطبة رواها يحيى بن معين في أماليه و ابن بطة في الإبانة بإسنادهما عن أنس بن مالك مرفوعا قال و رويناها عن الرضا عليه السلام (أقول) هي في رواية المناقب أخصر فنذكرها برواية كشفمة و هي : الحمد لله المحمود بنعمته المعبود بقدرته المطاع بسلطانه المرهوب من عذابه المرغوب إليه فيما عنده النافذ أمره في أرضه و سمائه الذي خلق الخلق بقدرته و ميزهم بأحكامه و أعزهم بدينه و أكرمهم بنبيه محمد صلى الله عليه و آله ثم إن الله جعل المصاهرة نسبا لاحقا و أممفترضا و شج بها الأرحام و ألزمها الأنام فقال تبارك اسمه و تعالى جده (و هو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا و صهرا) و كان ربك قديرا فأمر الله يجري إلى قضائه و قضاؤه يجري إلى قدره فلكل قضاء قدر و لكل قدر أجل و لكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب. ثم إني أشهد أني قد زوجت فاطمة من علي »و في رواية المناقب ثم إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي و قد زوجتها إياه«على أربعمائة مثقال فضة أ رضيت قال رضيت يا رسول الله ثم خر لله ساجدا فقال النبي صلى الله عليه و آله جعل الله فيكما الكثير الطيب و باريكما.قال أنس : بارك الله عليكما و أسعد جدكما و جمع بينكما و أخرج منكما الكثير الطيب.قال أنس : و الله لقد أخرج منهما الكثير الطيب.
خطبة علي عند تزويجه بفاطمة عليها السلام
عن ابن مردويه أن النبي صلى الله عليه و آله قال لعلي تكلم خطيبا لنفسك فقال: الحمد لله الذي قرب من حامديه و دنا من سائليه و وعد الجنة من يتقيه و أنذر بالنار من يعصيه نحمده على قديم إحسانه و أياديه حمد من يعلم أنه خالقه و باريه و مميته و محييه و سائله عن مسه و نستعينه و نستهديه و نؤمن به و نستكفيه و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تبلغه و ترضيه و أن محمدا عبده و رسوله ص صلاة تزلفه و تحظيه و ترفعه و تصفيه و هذا رسول الله صلى الله عليه و آله زوجني ابنته فاطمة على خمسمائة درهم فاسألوه و شهدوا قاسول الله صلى الله عليه و آله قد زوجتك ابنتي فاطمة على ما زوجك الرحمن و قد رضيت بما رضي الله فنعم الختن )1( الختن بفتحتين زوج البنت و هذه الرواية تنفي ما قاله أهل اللغة من أنه عند العرب كل من كان من قبل المرأة كالأب و الأخ و أنه عند العامة زوج البنت. أنتنعم الصاحب أنت و كفاك برضى الله رضى ثم أمر النبي صلى الله عليه و آله بطبق بسر )2( البسر بالضم ثمر النخيل قبل أن يصير رطبا. أو تمر و أمر بنهبه و الروايات مختلفة في قدر مهر الزهراء (ع) و جنسه و الصواب أنه كان خمسمائة درهم اثنتي عشرة أوقية و نصفا الأوقية أون درهما لأنه مهر السنة كما ثبت من طريق أهل البيت عليهم السلام و ما كان رسول الله صلى الله عليه و آله ليعدوه في تزويج علي بفاطمة و تدل عليه روايات كثيو في رواية ابن سعد في الطبقات كان صداق بنات رسول الله صلى الله عليه و آله و نسائه خمسمائة درهم اثنتي عشرة أوقية و نصفا أما ما دل على أنه أربعمائة مثقال كالخطبة السابقة فهو يقتضي أن يكون أكثر من خمسمائة درهم لأن كل سبعة مثاقيل عشرة دراهم فالخمسمائة درهم ت ثلاثمائة و خمسين مثقالا لا أربعمائة إلا أن يكون للمثقال أو الدرهم وزن آخر غير المشهور (و قيل) إنه كان أربعمائة و ثمانين درهما حكاه في الإستيعاب و يدل عليه قول الحسين عليه السلام في خبر خطبة مروان أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر ليزيد بن معاوية : لو أردنا ذك ما عدونا سنة رسول الله صلى الله عليه و آله في بناته و نسائه و أهل بيته و هو اثنتا عشرة أوقية يكون أربعمائة و ثمانين درهما و قوله قد زوجتها من ابن عمها القاسم على أربعمائة و ثمانين درهما (و في رواية) أن عليا»ع« باع بعيرا له بذلك المقدار و في رواية أن ال كان درع حديد و هي التي تسمى الحطمية )3( منسوبة إلى حطم بضم الحاء و فتح الطاء ابن محارب و كان يعمل الدروع. فباعها بهذا المقدار»و في رواية«أنه كان درع حديد و بردا خلقا.و تدل بعض الأخبار على أن الدرع و البرد لم يكونا مهرا بل بيعا لذلك.
(و روى) الصدوق في عيون أخبار الرضا بسنده عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السلام عن علي عليه السلام قال قال لي رسول الله صلى الله عليه و آله يا علي لقد عاتبني أرجال من قريش في أمر فاطمة و قالوا خطبناها إليك فمنعتنا و زوجت عليا فقل ما أنا منعتكم و زوجته بل الله منعكم و زوجه (الحديث) . قال ابن عبد البر في الإستيعاب إن رسول الله صلى الله عليه و آله قال لها زوجتك سيدا في الدنيا و الآخرة و أنه لأول أصحابي إسلاما و أكثرهم علما و أعظمهم حلما ذكر ذلك في ترجمة علي عليهالسلثم إن عليا عليه السلام أتى بالدراهم فصبها بين يدي رسول الله صلى الله عليه و آله فقبض منها قبضة فأعطاها بلالا و قال ابتع لفاطمة طيبا و في الإستيعاب أمر صلى الله عليه و آله أن يجعل ثلثها في الطيب و في رواية لابن سعد ثلثين في الطيب و ثلثا في الثياب ثم قببكلتا يديه فأعطاه أبا بكر و قال ابتع لفاطمة ما يصلحها من ثياب و أثاث البيت و أردفه بعمار و عدة من أصحابه فكانوا يعرضون الشيء على أبي بكر فان استصلحه اشتروه و قبض قبضة كانت ثلاثة و ستين أو ستة و ستين فأعطاها أم أيمن لمتاع البيت و دفع الباقي إلى أم سلمة فقل أبقيه عندك فكان مما اشتروه:
جهاز الزهراء عليها السلام عند زفافها
قميص بسبعة دراهم و خمار بأربعة دراهم و قطيفة )1( القطيفة دثار له حمل. سوداء خيبرية و سرير مزمل )2( ملفوف. بشريط )3( الشريط خوص مفتول يشرط به السرير و نحوه. و فراشان من خيش )4( الخيش ثياب في نيجها ]نسجها[ رقة و خيوطها غلاظ من مشاقة الكتان. مصر حشو أحدهما ليف و حشو الآخر من صوف الغنم و أربع مرافق )5( جمع مرفقة و هي ما يتكأ عليها و توضع تحت المرفق. من أدم )6( بفتحتين أو ضمتين جمع أديم و هو الجلد. الطائف حشوها أذخر )7( نبات طيب الرائحة. و ستر رقيق من صوف و حصير هجري )8( منسوب إلى هجر بلدة بالبحرين و في رواية قطري منسوب إلى قطر قرية بالبحرين. و رحى لليد و مخضب )9( كمنبر و يقال له مركن و إجانة. من نحاس و هو إناء تغسل فيه الثياب و سقاء )10( السقاء جلد السخل يكون للماء و اللبن. من أدم و قعب )11( قدح من خشب. للبن و شن )12( الشن بالفتح السقاء الخلق و هو أشد تبريدا للماء من الجديد. للماء و مطهرة )13( إناء يتطهر به و لعلها كانت من ورق النخل و طليت بالزفت. مزفتة و جرة خضراء و كيزان خزف و نطع )14( بساط من جلد من أدم و عباءة قطوانية )15( بالتحريك و هي عباءة بيضاء قصيرة الخمل نسبة إلى قطوان موضع بالكوفة. و قربة ماء.
فلما عرض ذلك على رسول الله صلى الله عليه و آله جعل يقلبه بيده و يقول بارك الله لأهل البيت. و في رواية أنه لما وضع بين يديه بكى ثم رفع رأسه إلى السماء و قال اللهم بارك لقوم جل آنيتهم الخزتجهيز علي عليه السلام عند زفاف فاطمة عليها السلام إليهو كان من تجهيز علي داره انتشار رمل لين و نصب خشبة من حائط إلى حائط للثياب و بسط أهاب كبش و مخدة ليف و في رواية ابن سعد عن بعض من حضر إهداء فاطمة من النساء قالت فدخلنا بيت علي فإذا أهاب شاة على دكان (مصطبة) و وسادة فيها ليف و قربة و منخل و منشفة و قدح فلما كان بعد شهر أو تسعة و عشرين يوما قال جعفر )16( هكذا في رواية ابن مردويه و سيأتي أيضا أن جعفرا رضوان الله عليه كان في جملة الذين زفوا فاطمة إلى علي عليه السلام كما يأتي أن أسماء بنت عميس حضرت زفاف فاطمة عليها السلام و لا يصح ذلك لأن جعفرا كان في ذلك الوقت الحبشة و معه زوجته أسماء بنت عميس في زفاف فاطمة اشتباه و الصواب أسماء بنت يزيد ابن السكن كما سيأتي.
و عقيل أو عقيل وحده لعلي ألا تسأل رسول الله صلى الله عليه و آله أن يدخل عليك أهلك قال الحياء يمنعني قال أقسمت عليك إلا قمت معي فقاما فلقيا أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه و آله فذكرا لها ذلك فدخلت إلى أم سلمة فأعلمتها و أعلمت نساء النبي صلىالآله فاجتمعن عند رسول الله صلى الله عليه و آله و قلن فديناك بآبائنا و أمهاتنا يا رسول الله إنا قد اجتمعنا لأمر لو كانت خديجة في الأحياء لقرت عينها قالت أم سلمة فلما ذكرنا خديجة بكى رسول الله صلى الله عليه و آله فقال خديجة و أين مثل خديجة صدقني ]صدقتني[ بني الناس و وازرتني على دين الله و أعانتني عليه بمالها أن الله عز و جل أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب الزمرد لا صخب فيه و لا نصب قالت أم سلمة فديناك بآبائنا و أمهاتنا أنك لم تذكر من خديجة أمرا إلا و قد كانت كذلك غير أنها قد مضت إلى ربها فهناها الله بذلك و جمع بيننا و بينها في جنته يا رسول الله هذا أخوك و ابن عمك في النسب علي بن أبي طالب يحب أن تدخل عليه زوجته قال حبا و كرامة فدعا بعلي فدخل و هو مطرق حياء و قمن أزواجه فدخلن البيت فقال أ تحب أن أدخل عليك زوجتك فقال و هو مرق أجل فداك أبي و أمي فقال أدخلها عليك إن شاء الله ثم التفت إلى النساء فقال من هاهنا فقالت أم سلمة أنا أم سلمة و هذه زينب و هذه فلانة و فلانة فأمرهن أن يزين فاطمة و يطيبنها و يصلحن من شأنها في حجرة أم سلمة و أن يفرشن لها بيتا كان قد هيأه علي عليه السلام بالأجرة و كان بعيدا عن بيت البي صلى الله عليه و آله قليلا فلما بنى بها حوله النبي صلى الله عليه و آله إلى بيت قريب منه ففعلن النسوة ما أو في رواية كشف اليقين فعلقن عليها من حليهن و طيبنها .و في مناقب ابن شهرآشوب عن أبي بكر بن مردويه فأتى الصحابة بالهدايا فأمر بطحن البر و خبزه و أمر عليا بذبح البقر و الغنم فلما فرغوا من الطبخ أمر النبي صلى الله عليه و آله أن ينادي على رأس داره أجيبوا رسولله صلى الله عليه و آله فبسط النطوع في المسجد و صدر الناس و هم أكثر من أربعة آلاف رجل و سائر نساء المدينة و رفعوا ما أرادوا ثم دعا رسول الله صلى الله عليه و آله بالصحاف فملئت و وجه إلى منازل أزواجه ثم أخذ صحفة فقال هذه لفاطمة و بفلما كانت ليلة الزفاف أتى النبي صلى الله عليه و آله ببغلته الشهباء أو بناقته و ثنى عليها قطيفة و قال لفاطمة اركبي فاركبها و أمر سلمان أن يقود بها و مشى ص خلفها و معه حمزة و عقيل و بنو هاشم مشهرين سيوفهم و نساء النبي ص قدامها يرجزن و أمر بنات عبد المطلب واء المهاجرين و الأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة و أن يفرحن و يرجزن و يكبرن و يحمدن و لا يقلن ما لا يرضي الله و نساء النبي صلى الله عليه و آله قدامها يرجزن فأنشات أم سلمة ترجز و تقولسرن بعون الله جاراتي و اشكرنه في كل حالاتو اذكرن ما أنعم رب العلى من كشف مكروه و آفاتفقد هدانا بعد كفر و قد انعشنا رب السماواتو سرن مع خير نساء الورى تفدى بعمات و خالاتيا بنت من فضله ذو العلى بالوحي منه و الرساثم قالت عائشة :
يا نسوة استرن بالمعاجر و اذكرن ما يحسن في المحاضر
و اذكرن رب الناس إذ يخصنا بدينه مع كل عبد شاكر
و الحمد لله على أفضاله و الشكر لله العزيز القادر
سرن بها فالله أعلى ذكرها و خصها منه بطهر طاهر
ثم قالت حفصة :
فاطمة خير نساء البشر و من لها وجه كوجه القمر
فضلك الله على كل الورى بفضل من خص باي الزمر
زوجك الله فتى فاضلا أعني عليا خير من في الحضر
فسرن جاراتي بها فإنها كريمة عند عظيم الخطر
و كانت النسوة يرجعن أول ببيت ]بيت[ من كل رجز ثم يكبرن و دخلن الدار ثم انفذ رسول الله إلى علي فدعاه و أخذ بيد فاطمة فوضعها في يده و قال بارك الله لك في ابنة رسول الله صلىاللهعليهوآلو في طبقات ابن سعد : جاء رسول الله صلى الله عليه و آله فاستفتح (أي على علي ليلة زفافه) فخرجت إليه أم أيمن فقال أ ثم أخى فقالت و كيف يكون أخاك و قد أنكحته ابنتك قال فإنه كذلك ثم قال أ أسماء بنت عميس قالت نعم قال جئت تكرمين بنت رسول الله قالت نعم فقال لها ا و دعا لها (و روي) أنه قال اللهم إنهما أحب إلي فأحبهما و بارك في ذريتهما و اجعل عليهما منك حافظا و إني أعيذهما بك و ذريتهما من الشيطان الرجيم و دعا لفاطمة فقال أذهب الله عنك الرجس و طهرك تطهيرا»و روي«أنه قال مرحبا ببحرين يلتقيان و نجمين يقترنان»و في رواية«أنه قال اللهم هذه ابنتي و أحب الخلق إلي اللهم و هذا أخي و أحب الخلق إلى اجعله لك وليا و بك حفيا و بارك له في أهله ثم قال يا علي ادخل بأهلك بارك الله تعالى لك و رحمة الله و بركاته عليكم إنه حميد مجيد ثم خرج من عندهما فأخذ بعضادتي الباب فقال طهركما الله و طهر نسلكما إنا سلم لمن سالمكما و حرب لمن حاربكما أستودعكما الله و استخلفه عليكما ثم أغلق عليهما الباب بيده.
و اختلف في قدر عمر الزهراء يوم تزوج بها أمير المؤمنين عليه السلام بناء على الاختلاف في تاريخ مولدهما كما مر فعلى قول أكثر أصحابنا إنها ولدت بعد النبوة بخمس سنين يكون عمرها حين تزويجها »تسع سنين« أو »عشر سنين« أو »إحدى عشرة سنة« لأنها تزوجت بعلي عليهالسل بعد الهجرة بسنة و قيل بسنتين و قيل بثلاث سنين قال ابن شهرآشوب في المناقب ولدت بعد النبوة بخمس سنين و أقامت مع أبيها بمكة ثمان سنين ثم هاجرت إلى المدينة فزوجها من علي بعد مقدمها المدينة بسنتين بعد بدر و على قول بعضهم إنها ولدت بعد النبوة بسنتين يكون عمرها يوم تزويجها »اثنتي عشرة سنة« أو »ثلاث عشرة سنة« أو »أربع عشرة سنة« بناء على الخلاف في أن تزويجها كان بعد الهجرة بسنة أو سنتين أو ثلاث و لم يرو أصحابنا في مبلغ عمرها يوم تزويجها أزيد من ذلك. و في الإستيعاب كان سنها يوم تزويجها »خمس عشرة سنة و خمسة أشهر و نصفا« و كانت سن علي »إحدى و عشرين سنة و خمسة أشهر« و على القول بأنها ولدت قبل النبوة بخمس سنين يكون عمرها يوم تزويجها »عشرين سنة« و قال أبو الفرج الأصبهاني و رواه ابن حجر في الإصابة و ابن سعد في الطبقات كان لها يوم تزويجها »ثماني عشرة سنة«. و روى ابن سعد في الطبقات أن تزويجها بعد مقدم النبي صلى الله عليه و آله المدينة بخمسة أشهر و بنى بها مرجعه من بدر قال و فاطمة يوم بنى بها علي بنت »ثماني عشرة سنة« »اه« و لعله وقع اشتباه بين تاريخ تزويجها و وفاتها لما ستعرف من أن ذلك سنها يوم وفاتها كما احتملنا وقوع الاشتبفي ولادتها بين كونها بعد النبوة بخمس سنين أو قبلها.
و كذلك اختلفت الروايات في يوم و شهر تزويجها قال ابن شهرآشوب في المناقب تزوجها علي عليه السلام أول يوم من ذي الحجة و دخل بها يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجة قال و روي أن تزويجها كان يوم السادس »اه« و لعله وقع اشتباه بين يوم التزويج و البناء.و قال أبو الفج كان تزويجها في صفر و في رواية دخل بها لأيام خلت من شوال و في رواية تزوجها في شهر رمضان و بنى بها في ذي الحجة و عن المفيد و ابن طاوس ناسبين له إلى أكثر علمائنا إن زفافها كان ليلة إحدى و عشرين من المحرم ليلة الخميس.
بيت فاطمة
كان النبي صلى الله عليه و آله قد بنى لنفسه بيتا شرقي المسجد ملاصقا له سكنه مع ابنته فاطمة و بنى هناك أيضا بيوتا أسكنها أزواجه و بنى لعلي عليه السلام بيتا بجنب البيت الذي تسكنه عائشة و هو الذي دفن فيه النبي صلى الله عليه و آله فلما تزوج علي بفاطمة و أده عرس بها في بيت استأجره كما مر ثم عاد إلى ذلك البيت و سكنته فاطمة معه حتى توفيت و فيه ولد الحسن و الحسين و سائر أولاد علي من فاطمة عليهم السلام و بقيت الصخرة التي ولدت عليها الحسنين ظاهرة بعد إلحاق بيتها بالمسجد يعرفها أهل البيت.و في كتاب وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى : أسند يحيى عن عيسى بن عبد الله عن أبيه أن بيت فاطمة في الزور الذي في القبر بينه و بين بيت النبي خوخة. (و الزور الموضع المزور شبه المثلث في جهة الشام) قال و أسند عن عمر بن علي بن عمر بن علي بن الحسين أن بيت فاطمة في موضع الزور مخرج النبي صلى الله عليه و آله و كانت فيه كوة إلى بيت عائشة فكان رسول الله صلى الله عليه و آله إذ قام إلى المخرج اطلع من الكوة إلى فاطمة فعلم خبرهم فدخلت عائشة المخرج في جوف الليل فأبصرت المصباح عندهم و ذكر كلاما وقع بينهما فلما أصبحوا سألت النبي صلى الله عليه و آله أن يسد الكوة فسدها (إلى أن قال) : و يشهد لذلك (أي كون موضع بيت فاطمة في الزور) ما أسنده يحيى عن مسلم عن ابن أبي مريم أن عرض بيت فاطمة إلى الأسطوانة التي خلف الأسطوانة المواجهة للزور و كان بابه في المربعة التي في القبر قال: و قد د أبو غسان عن مسلم بن سالم قال عرس علي بفاطمة إلى الأسطوانة التي خلف الأسطوانة المواجهة الزور و كانت داره في المربعة التي في القبر قال سليمان و قال مسلم لا تنس حظك من الصلاة إليها فإنه باب فاطمة التي كان علي يدخل إليها منه و قد رأيت حسن بن زيد يصلي إليها.و قوله عرس بها إلخ يخالف ما مر من أنه بنى بها في دار استأجرها.
حزنها بعد أبيها صلىاللهعليهوآروى الكليني بسنده عن الصادق عليه السلام قال عاشت فاطمة بعد رسول الله صلى الله عليه و آله خمسة و سبعين يوما لم تر كاشرة و لا ضاحكة تأتي قبور الشهداء في كل جمعة مرتين الإثنين و الخميس فتقول: هاهنا كان رسول الله صلى الله عليه و آله و هاهنا كان المشركون (اية) عن الصادق عليه السلام أنها كانت تصلي هناك و تدعو حتى ماتت (و روى) ابن شهرآشوب في المناقب عن الباقر عليه السلام قال : ما رأيت فاطمة ضاحكة قط منذ قبض رسول الله صلى الله عليه و آله حتى قبضت و في السيرة النبوية لأحمد ابن زيني دحلان عاشت فاطمة بعد أبيستة أشهر فما ضحكت تلك المدة. و روى أبو نعيم في حلية الأولياء بسنده عن أبي جعفر »هو الباقر عليه السلام« قال ما رتبت فاطمة ضاحكت بعد رسول الله صلى الله عليه و آله إلا يوما افترت بطرف نابها قال و مكثت بعده ستة أشقال ابن شهرآشوب في المناقب روي أنها ما زالت بعد أبيها معصبة الرأس ناحلة الجسم منهدة الركن باكية العين محترقة القلب يغشى عليها ساعة بعد ساعة و تقول لولديها أين أبوكما الذي كان يكرمكما و يحملكما مرة بعد مرة أين أبوكما الذي كان أشد الناس شفقة عليكما فلا يدعكما تمشيان على الأرض و لا أراه يفتح هذا الباب أبدا و لا يحملكما على عاتقه كما لم يزل يفعل بكما (و روي) أنه لما قبض النبي صلى الله عليه و آله امتنع بلال من الأذان و قال لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و إن فاطمة قالت ذات يوم اشتهي أن أسمع صن أبي بأذان فبلغ ذلك بلالا فأخذ في الأذان فلما قال الله أكبر الله أكبر ذكرت أباها و أيامه فلم تتمالك من البكاء فلما بلغ إلى قوله أشهد أن محمدا رسول الله شهقت فاطمة و سقطت لوجهها و غشي عليها فقال الناس لبلال أمسك فقد فارقت ابنة رسول الله الدنيا و ظنوا أنها قد ماتت فلم يتم الأذان فأفاقت فسألته إتمامه فلم يفعل و قال لها يا سيدة النسوان إني أخشى عليك مما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان فأعفته من ذلك»و عن« علي عليه السلام قال غسلت النبي صلى الله عليه و آله في قميصه فكانت فاطمة تقول أرني القميص فإذا شمته غليها فلما رأيت ذلك غيبته.
خطبة الزهراء عليها السلام في مرضها بمحضر نساء المهاجرين و الأنصار
في إحتجاج الطبرسي مرسلا عن سويد بن غفلة و في معاني الأخبار و شرح النهج لابن أبي الحديد بالإسناد عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين عليه السلام و في أمالي الشيخ بسنده عن ابن عباس و في كشف الغمة عن صاحب كتاب السقيفة أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوري عن رجاله عن عبد الله بن حسن عن أمه فاطمة بنت الحسين أنها لما مرضت فاطمة الزهراء عليها السلام المرضة التي توفيت فيها و اشتدت علتها اجتمعت إليها نساء المهاجرين و الأنصار ليعدنها فسلمن عليها و قلن لها كيف أصبحت من علتك»من ليلتك خ ل«يا بنت رسول الله صلىاللعليهوآله فحمدت الله تعالى و صلت على أبيها ثم قالت: أصبحت و الله عائفة لدنياكن قالية لرجالكن لفظتهم بعد أن عجمتهم و شنأتهم بعد أن سبرتهم فقبحا لفلول الحد و اللعب بعد الجد و قرع الصفاة )1( كناية عن النيل بسوء. و صدع القناة و خطل الآراء و زلل الأهواء »و ئسما قدمت لهم أنفسهم إن سخط الله عليهم و في العذاب هم خالدون« لا جرم و الله لقد قلدتهم ربقتها و حملتهم أوقتها )2( ثقلها. و شننت عليهم غارتها فجدعا و عقرا و بعدا للقوم الظالمين ويحهم أنى زعزعوها عن رواسي الرسالة و قواعد النبوة و الدلالة و مهبط الروح الأمين و الطيبين ]الطبين[ )3( الفطن الحاذق. بأمور الدنيا و الدين ألا ذلك هو الخسران المبين، و ما الذي نقموا من أبي الحسن نقموا منه و الله نكير سيفه و قلة مبالاته بحتفه و شدة وطأته و نكال وقعته و تنمره في ذات الله عز و جل و تالله لو مالوا عن المحجة اللائحة و زالوا عن قبول الحجة الواضحة لردهم إليها و حملهم عليها و تالله لو تكافوا عن زمام نبذه إليه رسول الله صلى الله عليه و آله لأعتلقه و لسار بهم سجحا لا يكلم خشاشه )4( الخشاش بكسر الخاء المعجمة ما يجعل في أنف البعير من خشب و يشد به الزمام ليكون أسرع لانقياده .(المؤلف( و لا يكل سائره و لا يمل راكبه و لا وردهم منهلا نميرا صافيا رويا فضفاضا تطفح ضفتا لا يترنق جانباه و لا صدرهم بطانا و نصح لهم سرا و إعلانا و لم يكن يتحلى من الغنى بطائل و لا يحظى من الدنيا بنائل غير ري الناهل و شبعة الكافل و لبان لهم الزاهد من الراغب و الصادق من الكاذب (و لو أن أهل القرى آمنوا و اتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء و الأرض و لكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون و الذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا و ما هم بمعجزين) ألا هلم فاستمع و ما عشت أراك الدهر عجبا »و إن تعجب فعجب قولهم«، ليت شعري إلى أي لجإ لجئوا و إلى أي سناد استندوا و على أي عماد اعتمدوا و بأي عروة تمسكوا و على أي ذرية قدموا و احتنكوا »لبئس المولى و لبئس العشير و بئس للظالمين بدلا« استبدلوا و الله الذنابى بالقوادم و العجز بالكاهل فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا »ألا أنهم هم المفسدون و لكن لا يشعرون« ويحهم »أ فمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي ألا أن يهدي فما لكم كيف تحكمون« أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ثم احتلبوا ملء العقب دما عبيطا و ذعافا و اطمئنوا للفتنة جاشا و أبشروا بسيف صارم و سطوة معتد غام و بهرج دائم شامل و استبداد من الظالمين يدع فياكم زهيدا و جمعكم حصيدا فيا حسرة لكم و إني بكم و قد عميت عليكم »أ نلزمكموها و أنتم لها كارهون«.
قال سويد بن غفلة : فأعادت النساء قولها على رجالهن فجاء إليها قوم من المهاجرين و الأنصار معتذرين و قالوا يا سيدة النساء لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر من قبل أن يبرم العهد و يحكم العقد لما عدلنا عنه إلى غيره »فقالت عليها السلام« إليكم عني فلا عذر بعد تعذيركم و لا أمر بعد تقصيركم.
أوقافها و صدقاتها
كان لها سبعة بساتين وقفتها على بني هاشم و بني المطلب و جعلت النظر فيها و الولاية لعلي عليه السلام مدة حياته و بعده للحسن و بعده للحسين و بعده للأكبر من ولدها. روى الكليني في الكافي بسنده عن الصادق عليه السلام أن فاطمة عليها السلام جعلت صدقتها لبني هاشم و ي المطلب و بسنده عن الباقر عليه السلام أنه أخرج حقا أو سفطا فأخرج منه كتابا فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم.هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد رسول الله صلى الله عليه و آله أوصت بحوائطها السبعة العواف و الذلال .و البرقة .و المبيت .و الحسني .و الصافية .و ما لأم هيم إلى علي بن أبي طالب فإن مضى علي فإلى الحسن فإن مضى الحسن فإلى الحسين فإن مضى الحسين فإلى الأكبر من ولدي شهد الله على ذلك و المقداد بن الأسود و الزبير بن العوام و كتب علي بن أبي طالب.
بسنده عن الصادق عليه السلام نحوه إلا أنه قال إلى الأكبر من ولدي دون ولدك و بسنده عن أبي الحسن الثاني عليه السلام أنه سئل عن الحيطان السبعة التي كانت ميراث رسول الله صلى الله عليه و آله لفاطمة فقال: إنما كانت وقفا فكان رسول الله صلى الله عليه و آله ي منها ما ينفق على أضيافه و التابعة تلزمه فيها فلما قبض جاء العباس يخاصم فاطمة فيها فشهد علي و غيره أنها وقف على فاطمة و عدها كما تقدم (و في رواية) عن الصادق عليه السلام أن المبيت هو الذي كاتب عليه سلمان فأفاءه الله على رسوله فهو في صدقتها. (أقول) ربما يتوهم التنافي بين هذه الأخبار فبعضها يدل على أنها تصدقت بها على بني هاشم و بني المطلب أي وقفتها عليها و لازم ذلك أنها كانت ملكا لها إذ لا وقف إلا في ملك و بعضها دال على أن النبي صلى الله عليه و آله كان قد وقفها عليها و حينئذ فكيف تقفها على بهاشم و بني المطلب فإن الوقف لا يوقف و يمكن الجمع بأن النبي صلى الله عليه و آله وقفها عليها في حياتها و بعدها على بني هاشم و بني المطلب و جعل النظر فيها على الترتيب الذي جعلته.أو إنه وقفها عليها ثم على من تختاره بعدها فهي بوصيتها حاكية لا منشئوصيتها
من وصاياها
لما مرضت فاطمة الزهراء عليها السلام مرضها الذي توفيت فيه جعلت توصي عليا عليه السلام و تعهد إليه عهودها (فمما) جاء في وصيتها ما روي أن عليا عليه السلام وجده عند رأسها بعد ما توفيت و هي رقعة فيها :بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله أوصت و هي تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله و أن الجنة حق و النار حق و أن الساعة آتية لا ريب فيها و أن الله يبعث من في القبور يا علي حنطني و غسلني و كفني و صل عليادفني بالليل و لا تعلم أحدا و استودعك الله و اقرأ على ولدي السلام إلى يوم القيامة.
و ذكر جماعة أنها لما مرضت دعت أم أيمن و أسماء بنت عميس و عليا عليه السلام و أوصت إلى علي بثلاث وصايا : (الأول) أن يتزوج بأمامة بنت أختها زينب لحبها أولادها و قالت إنها تكون لولدي مثلي (و في رواية) قالت بنت أختي و تحني على ولدي.و أمامة هذه هي بنت أبي العاص بن الربيع و هي التي روي أن رسول الله صلى الله عليه و آله كان يحملها في الصلاة و أمها زينب بنت رسول ا صلى الله عليه و آله فلما توفيت الزهراء عليها السلام تزوج أمير المؤمنين عليه السلام أمامة كما أوصته و من أجل ذلك قال: أربعة ليس إلى فراقهن سبيل و عد منهن أمامة قال أوصت بها فاطم (الثانية) أن يتخذ لها نعشا و وصفته له (و في رواية) أن أسماء بنت عميس قالت لها إني إذ كنت بأرض الحبشة رأيتهم يصنعون شيئا فإن أعجبك أصنعه لك فدعت بسرير فأكبته لوجهه ثم دعت بجرائد فشدتها على قوائمه و جعلت عليه نعشا ثم جللته ثوبا فقالت فاطمة عليها السلام اصنعي لي مثله استريني سترك الله من النار.
و في الإستيعاب بسنده أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله قالت لأسماء بنت عميس إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء أنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها فقالت أسماء يا بنت رسول الله ألا أريك شيئا رأيته بأرض الحبشة فدعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت عليها ثوبا فت فاطمة ما أحسن هذا و أجمله تعرف به المرأة من الرجل ثم قال: فاطمة أول من غطي نعشها في الإسلام على الصفة المذكورة ثم بعدها زينب بنت جحش »اه« و كانت الزهراء عليها السلام لشدة محافظتها على الستر و العفاف حتى أنها لما قال لها أبوها صلى الله عليه و آله ما خير رأة قالت أن لا ترى رجلا و لا يراها رجل مهتمة كثيرا لأمر وضعها على السرير و حملها ظاهرة و شكت ذلك إلى أسماء بنت عميس فوصفت لها النعش فتبسمت فرحا بذلك بعد أن لم تر ضاحكة و لا متبسمة بعد وفاة أبيها إلى ذلك الحين و بذلك يعرف قدر اهتمامها بهذا الأمر.
روى الحاكم في المستدرك بسنده عن علي بن الحسين عن ابن عباس قال مرضت فاطمة مرضا شديدا فقالت لأسماء بنت عميس ألا ترين إلى ما بلغت احمل على السرير ظاهرا فقالت أسماء لا لعمري و لكن أصنع لك نعشا كما رأيت يصنع بأرض الحبشة قالت فأرينيه فأرسلت أسماء إلى جرائد رطبة و جعلت على السرير نعشا و هو أول ما كان النعش قالت أسماء فتبسمت فاطمة و ما رأيتها مبتسمة بعد أبيها إلا يومئذ الحديث (و بضدها تتميز الأشياء) .
(الثالثة) أن لا يشهد أحدا جنازتها ممن كانت غاضبة عليهم و أن لا يترك أن يصلي عليها أحد منهم و أن يدفنها ليلا إذا هدأت العيون و نامت الأبصار و يعفي قبرها.
»و كان«مما أوصت به عليا عليه السلام أن تحنط بفاضل حنوط رسول الله صلى الله عليه و آله و كان أربعين درهما فقسمه رسول الله صلى الله عليه و آله أثلاثا ثلثا لنفسه و ثلثا لعلي و ثلثا لفاطمة و أن يغسلها في قميصها و لا يكشفه عنها لأنها كانت قد اغتسلت قبل وفاتر و تنظفت و لبست ثيابها الجدد و من ذلك توهم بعضهم أن المراد أن تدفن بذلك الغسل و هو غير صحيح كما يأتي»و في رواية«أنها أوصت لأزواج النبي صلى الله عليه و آله لكل واحدة منهن باثنتي عشرة أوقية و الأوقية أربعون درهما و لنساء بني هاشم مثل ذلك و أوصت لأمامة بنتتها زينب بشيء.و روى ابن عبد البر في الإستيعاب أن فاطمة عليها السلام قالت لأسماء بنت عميس إذا أنا مت فاغسليني أنت و علي و لا تدخلي علي أحدا.و روى أبو نعيم في الحلية أنها لما حضرتها الوفاة أمرت عليا فوضع لها غسلا فاغتسلت و تطهرت و دعت بثياب أكفانها فأتيت بثياب غلاظ خشن فلبستها و مست من الحنوط ثم أمرت عليا أن لا تكشف إذا قبضت و أن تدرج كما هي في ثيابها»اه« و الظاهر أن هذا الغسل الذي اغتسلته عليها السلام كان لأجل التنظيف و التطهر لتغسل بعد وفاتها في ثيابها طاهرة نظيفة و لا تكشف لأنه أبلغ في الستر و أقل كلفة على من يغسلها لا أنه كان غسل الأموات لعدم جواز تقديمه على الموت في مثل المقام و توهم بعضهم أنه غسل الأموات و ليس بصواب فلما توفيت صاح أهل المدينة صيحة واحدة و اجتمعت نساء بني هاشم في دارها فصرخن صرخة واحدة كادت المدينة تتزعزع من صراخهن و هن يقلن يا سيدتاه يا بنت رسول الله و أقبل الناس مثل عرف الفرس إلى علي عليه السلام و هو جالس و الحسن و الحسين عليهما السلام بين يديه يبكيان فبكى الناس لبكائهما و خرجت أم كلثوم و عليها برقعها تجر ذيلها متجللة برداء و هي تبكي و تقول يا أبتاه يا رسول الله الآن حقا فقدناك فقدا لا لقاء بعده أبدا و جتمع الناس فجلسوا و هم يرجون و ينتظرون أن تخرج الجنازة فيصلوا عليها فخرج أبو ذر و قال انصرفوا فإن ابنة رسول الله قد أخر إخراجها هذه العشية فقام الناس و انصرفوا.
وفاة السيدة الزهراء عليها السلام
و في كتاب روضة الواعظين : أن فاطمة عليها السلام لم تزل بعد وفاة أبيها صلى الله عليه و آله مهمومة مغمومة محزونة مكروبة كئيبة باكية ثم مرضت مرضا شديدا و مكثت أربعين ليلة في مرضها إلى أن توفيت عليها السلام فلما نعيت إليها نفسها دعت أم أيمن و أسماء بنت عميس و ت خلف علي فأحضرته فقالت يا ابن عم إنه قد نعيت إلي نفسي و إنني لا أرى ما بي إلا إنني لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة و أنا أوصيك بأشياء في قلبي.قال لها علي عليه السلام أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله فجلس عند رأسها و أخرج من كان في البيت ثم قالت يا ابن عم ما عهتني كاذبة و لا خائنة و لا خالفتك منذ عاشرتني فقال عليه السلام معاذ الله أنت أعلم بالله و أبر و أتقى و أكرم و أشد خوفا من الله من أن أوبخك بمخالفتي و قد عز علي مفارقتك و فقدك إلا أنه أمر لا بد منه و الله لقد جددت علي مصيبة رسول الله صلى الله عليه و آله وعظمت وفاتك و فقدك فإنا لله و إنا إليه راجعون من مصيبة ما أفجعها و آلمها و أمضها و أحزنها هذه و الله مصيبة لا عزاء عنها و رزية لا خلف لها ثم بكيا جميعا ساعة و أخذ علي رأسها و ضمها إلى صدره ثم قال أوصيني بما شئت فإنك تجديني وفيا أمضي كل ما أمرتني به و اختار أمرك على أمري قالت جزاك الله عني خير الجزاء يا ابن عم ثم أوصته بما أرادت فقام أمير المؤمنين عليه السلام بجميع ما وصته به فغسلها في قميصها و أعانته على غسلها أسماء بنت عميس . قال ابن عبد البر في الإستيعاب : غسلها علي بن أبي طالب مع أسماء بنت عميس .و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أسماء بنت عميس قالت غسلت أنا و علي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله »اه« و كان علي هو الذي يباشر غسلها و أسماء تعينه على ذلك و بهذا يرتفع استبعاد بعضهم أن تغسلها أسماء مع علي و هي أجنبية عنه لأنها كانت يومئذ زوجة بكر و في بعض الأخبار أنه أمر الحسن و الحسين عليهما السلام يدخلان الماء و لم يحضرها غيره و غير الحسنين و زينب و أم كلثوم و فضة جاريتها و أسماء بنت عميس : قال ابن عبد البر في الإستيعاب : فلما توفيت جاءت عائشة تدخل فقالت أسماء لا تدخلي فشكت إلى أبي بكر فقالت إن هذه الخثعمية تحول بيننا و بين بنت رسول الله صلى الله عليه و آله و قد جعلت لها مثل هودج العروس فجاء فوقف على الباب فقال يا أسماء ما حملك على أن منعت أزواج النبي صلى الله عليه و آله أن يدخلن على بنت رسول الله صلى الله عليه و آله و جعلت لها مثل هودج الت أمرتني أن لا يدخل عليها أحد و أريتها هذا الذي صنعت و هي حية فأمرتني أن أصنع ذلك لها قال أبو بكر فاصنعي ما أمرتك ثم انصرف»اه« و كفنها علي عليه السلام في سبعة أثواب و حنطها بفاضل حنوط رسول الله صلى الله عليه و آله ثم صلى عليها و كبر خمسا و دفنها في جوليل و عفى قبرها و لم يحضر دفنها و الصلاة عليها إلا علي و الحسنان عليهم السلام و عمار و المقداد و عقيل و الزبير و أبو ذر و سلمان و بريدة و نفر من بني هاشم و خواص علي عليه السلامو اختلف في موضع دفنها فقيل دفنت في بيتها و هو الأصح الذي يقتضيه الاعتبار و قيل دفنت في البقيع و سوى علي عليه السلام حول قبرها قبورا مزورة حتى لا يعرف أحد موضعه.و روى ابن سعد في الطبقات أنه نزل في حفرة فاطمة العباس و علي و الفضل . و روى عدة روايات بعدة أسايد أن عليا عليه السلام هو الذي صلى عليها.و روى ابن سعد أيضا روايات كثيرة بعدة أسانيد عن الزهري أن عليا عليه السلام دفن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله لو بسنده عن جابر عن الباقر عليه السلام قال دفنت فاطمة ليلا. و روى أيضا عدة روايات عن موسى بن علي عن بعض أصحابه و عن عائشة و عن يحيى بن سعيد أن فاطمة دفنت ليلا بسنده عن علي بن الحسين قال سألت ابن عباس متى دفنتم فاطمة فقال دفناها بليل بعد هدأة قلت فمن صلى علها قال علي (و روى) الحاكم بسنده عن عائشة قالت دفنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله ليلا و لم يشعر بها أبو بكر حتى دفنت و صلى عليها علي بن أبي طالو قال ابن عبد البر في الإستيعاب صلى عليها علي بن أبي طالب و هو الذي غسلها مع أسماء بنت عميس و كانت أشارت عليه أن يدفنها ليلا. و أورد السمهودي في وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى عدة روايات دالة على أنها دفنت ليلا و منها ما حكاه عن البيهقي أنه قال و قد ثبت أن أبا بكر لما يعلم بوفاة فاطمة عليها السلام لما ثبت في الصحيح أن عليا دفنها ليلا و لم يعلم أبا بكر . و عن الطبري في دلائل الإمامة عن محمد بن همام أن عليا عليه السلام دفنها بالروضة و عمى موضع قبرها قال و أصبح البقيع ليلة دفنت و فيه أربعون قبرا جدد.»و روي «أن أمير المؤمنين قام بعد دفنها عليها السلام فحول وجهه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه و آله ثم قال: السلام عليك يا رسول الله عني و عن ابنتك و زائرتك النازلة في جوارك و البائتة في الثرى ببقعتك و المختار الله لها سرعة اللحاق بك قل يا رسول الله عن صف صبري و رق عنها تجلدي إلا أن في التأسي بعظيم فرقتك و فادح مصيبتك موضع تعز فلقد وسدتك في ملحود قبرك و فاضت بين نحري و صدري نفسك بلى و في كتاب الله لي نعم القبول إنا لله و إنا إليه راجعون قد استرجعت الوديعة و أخذت الرهينة و اختلست الزهراء فما أقبح الخضراء و الغبراء يا رسول الله أما حزني فسرمد و أما ليلي فمسهد إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم كمد مقيح و هم مهيج سرعان ما فرق بيننا و إلى الله أشكو و ستنبئك ابنتك بتضافر أمتك على هضمها فاحفها السؤال و استخبرها الحال فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا و ستقول و يحكم الله و هو خير الحاكمين و السلام عليكما سلام مودع لا قال و لا سئم فإن انصرف فلا عن ملالة و إن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين واها واها و الصبر أيمن و أجمل و لو لا غلبة المستولين لجعلت المقام و اللبث لزاما معكوفا و لأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية فبعين الله تدفن ابنتك سرا و تهضم حقها و تمنع إرثها و لم يطل العهد و لم يخلق منك الذكر إلى الله يا رسول الله المشتكى و فيك يا رسول الله أحسن العزاء صلى الله عليك و عليك و عليها السلام و الرضوان. و لما دفنها علي عليه السلام قام علىشفير القبر فأنشأ يقول و قال الحاكم في المستدرك لما ماتت فاطمة قال علي بن أبي طالب :
لكل اجتماع من خليلين فرقة و كل الذي دون الفراق قليل
و إن افتقادي فاطما بعد أحمد دليل على أن لا يدوم خلي
لو عن الطبري في دلائل الإمامة عن محمد بن همام أن المسلمين لما علموا وفاتها جاءوا إلى البقيع فوجدوا فيه أربعين قبرا فأشكل عليهم موضع قبرها من سائر القبور فضج الناس و لام بعضهم بعضا و قالوا لم يخلف نبيكم فيكم إلا بنتا واحدة تموت و تدفن و لم تحضروا وفاتها و الصلاة عليها و لا تعرفوا قبرها ثم قال ولاة الأمر منهم هاتوا من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى نجدها فنصلي عليها و نزور قبرها فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فخرج مغضبا قد احمرت عيناه و درت أوداجه و عليه قباؤه الأصفر الذي كان يلبسه في كل كريهة و هو تكئ على سيفه ذي الفقار حتى ورد البقيع فسار إلى الناس النذير و قالوا هذا علي بن أبي طالب قد أقبل كما ترونه يقسم بالله لئن حول من هذه القبور حجر ليضعن السيف على غابر الآخر فتلقاه بعضهم فقال له ما لك يا أبا الحسن و الله لننبشن قبرها و لنصلين عليها فضرب علي عليه السلام بيده إلى جوامع ثوبه فهزه ثم ضرب به الأرض و قال أما حقي فقد تركته مخافة أن يرتد الناس و أما قبر فاطمة فو الله الذي نفس علي بيده لأن رمت و أصحابك شيئا من ذلك لأسقين الأرض من دمائكم فإن شئت فأعرض فتلقاه آخر فقال يا أبا الحسن بحق رسول الله و بحق من وق العرش إلا خليت عنه فأنا غير فاعلين شيئا تكرهه فخلى عنه و تفرق الناس و لم يعودوا إلى ذلك.
ونسألكم الدعاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق