الاثنين، 17 سبتمبر 2012

دور أمير المؤمنين علي عليه السلام في الحفاظ على الإسلام


دور أمير المؤمنين علي عليه السلام في الحفاظ على الإسلام


اللهم صلِ على محمد والِ محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
السلام عليكِ يا فاطمة الزهراء



أمير المؤمنين عليه السلام هو بطل الإسلام وقديسه , وهذا مما لايختلف فيه اثنان , كما لايخفى الدور الرائد الذي مارسه علي عليه السلام في مراحل انطلاق وسير الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله بدعوته الى الدين الحنيف , وما سجله لنا القرآن الكريم في آيات كثيرة , وبينه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله في مناسبات عديدة أيضا منها : (علي مني بمنزلة هارون من موسى) , فهو وزير الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ، وسيف علي عليه السلام الذي حفظ الإسلام وشيد أركانه حتى بقي الى يومنا هذا , نعمعلي عليه السلام هو أول فدائي في الإسلام أعده رسول الله صلى الله عليه وآله لقيادة الامة من بعده , هذه الأمة التي لم يستبعد صلى الله عليه وآله ان ترتد على اعقابها بعد رحيله عن هذه الدنيا - وهذا ما حصل بالفعل – وعاقبة هذا الارتداد خطر جسيم يهدد بقاء الاسلام وينذره بالانهيار , وليس غير علي عليه السلام القائد الذي يواجه اسباب الانهيار ويقدم أسباب بقاء الإسلام ووجوده ليومنا هذا , علي الذي قدم غاية ما يمكن ان يقدمه القائد من اخلاص في سبيل أهدافه ولا يوجد أعظم من علي عليه السلام الا استاذه رسول الله صلى الله عليه وآله...
لقد بدأ الانحراف بالامة الاسلامية بيوم السقيفة لأن القيادة سُلبت من صاحبها الشرعي والمؤهل للقيادة باعداد الرسول صلى الله عليه وآله له وبنص سماوي نزل ليضمن سعادة الامة وبقائها , وتقمصها فلان وفلان ليضعوا الامة موضع الخطر والضياع .
هذه الامة التي لم يتغلغل الاسلام في اعماقها بعد , ولم تفهم ابعاد أحكامه , وكانت قريبة عهد بالجاهلية , ووجود عدد كبير ممن دخلوا الاسلام بمداخل غير سليمة تشكل خطر اضافي على هذه الامة التي لا تستطيع تشخيص مظاهر الانحراف ولا مقاومته , وليس غير علي عليه السلام يدرك هذا الخطر , علي الذي كان يمثل الرسالة وكان الامين الاول من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله لذلك كانت مهمة امير المؤمنين عليه السلام بعد رحيل النبي الاكرم صلى الله عليه وآله صعبة وشاقة وتتطلب اتخاذ مواقف غاية في الدقة , لاتصدر إلا من المعصوم الذي عينه الله تعالى .
وكان علي يعمل بروح الرسالة لا بروحه هو , كان يعمل بروح تلك الاهداف الكبيرة ولم يكن يعمل بالمصلحة الشخصية .
لذلك حاول امير المؤمنين عليه السلام انقاذ الامة من الخطر والحفاظ عليها بعدة مواقف منها :

1- محاولة تسلم زمام القيادة الفعلية , ومحو آثار الانحراف وتصحيحه من خلال مطالبته بحقه بالخلافة مرارا , بل وبمطالبة الزهراء عليها السلام كذلك . لقد عمل عليه السلامفي هذا المضمار وتحمل ما تحمل من اجل تفتيت الانحراف وايجاد تعبئة وتوعية فكرية في صفوف المؤمنين واشعارهم ان الوضع منحرف .. لقد عمل عليه السلام في هذا الخط حتى قيل عنه : ان علي اشد الناس رغبة في الحكم والولاية وانه طالب جاه .. رغم ذلك إلا ان هذه التعبئة لم تنجح لاسباب منها انخفاض وعي المسلمين الذين لم يدركوا ان يوم السقيفة هو اليوم الذي انفتح منه كل بلاء على الخط الطويل لرسالة الاسلام ، ولكنه عليه السلام كان يلقي الحجج على هذه الامة التي سرعان ما تنكرت له وان لم تفلح محاولاته في المطالبة. 

2- حاول علي عليه السلام تحطيم التجربة المنحرفة التي مرت بها الامة من خلال التدخل الايجابي الموجه ، فقد كان يتدخل تدخلا ايجابيا موجها في سبيل انقاذ التجربة من المزيد من الضياع والانحراف. 
فلما لم يتحقق ما اراده عليه السلام في تعبئته الفكرية لم يعارض ابا بكر وعمر معارضة سافرة وواضحة وانما تعامل مع الخلافة بحسب ما تحكم به المصلحة الاسلامية حفظا للاسلام وحماية للجماعة الاسلامية من التمزق والضياع وتحقيقا للمصالح الاسلامية العليا التي جاهد من اجلها. فقد ورد عنه عليه السلام في احد كتبه : (فامسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام , يدعون الى محق دين محمد صلى الله عليه وآله , فخشيت ان لم انصر الاسلام واهله ان ارى فيه ثلما او هدما , تكون المصيبة به عليّ اعظم من فوت ولايتكم التي هي انما متاع ايام قلائل , يزول منها ما كان كما يزول السراب او كما يتقشع السحاب فنهضت في تلك الاحداث حتى زاح الباطل وزهق واطمأن الدين وتنهنه). 

فصوت علي عليه السلام كان يعلو عندما يستشار ويجهر عندما يستفتى وقد تصدى لتوجيه الحياة الاسلامية وفقا لما تقتضيه رسالة الله تعالى في الحقول التشريعية والتنفيذية والقضائية .
فعندما واجهت الدولة الاسلامية في عهد عمر خطرا كبيرا وهو خطر إقامة اقطاع لا نظير له في المجتمع الاسلامي كان من المفروض ان يسرع في دمار الامة وذلك حينما وقع البحث بين المسلمين بعد فتح العراق في انه هل توزع اراضي العراق على المجاهدين المقاتلين او انها تبقى ملكا عاما للمسلمين – وكان الاتجاه ان توزع على المجاهدين الذين ذهبوا وفتحوا العراق – وكان معنى هذا ان يعطى العراق وسوريا وايران ومصر وجميع العالم الاسلامي الذي اسلم بالفتح سوف يوزع بين اربعة او خمسة آلاف او ستة آلاف من هؤلاء المسلمين المجاهدين أي سوف تستقطع اراضي العالم الاسلامي لهؤلاء وبالتالي يتشكل اقطاع لا نظير له في التأريخ .
لذلك بقي عمر اياما متحيرا لا يعرف ماذا يصنع وما هو الاصلح وكيف يعالج هذه المشكلة , ولكن امير المؤمنين عليه السلام تدخل وحسم الموقف وبين وجهة النظر الاسلامية في الموضوع واخذ عمر بنظر الامام علي عليه السلام وأنقذ الإمام عليه السلام بذلك الاسلام من الدمار الكبير .
لقد كان له عليه السلام تدخلات كبيرة وكثيرة , كالنفير العام الذي كان يهدد العاصمة في غزو سافر كان من الممكن ان يقضي على الدولة الإسلامية , هذا الاقتراح طرح على عمر وكاد عمر ان يأخذ به ولكن الإمام علي عليه السلام جاء مسرعا – كما تقول الروايات – الى عمر وقال له : لا تنفر نفيرا عاما ..لأن عمر اراد ان يخرج مع تمام المسلمين الموجودين آنذاك في المدينة وعندما تفرغ المدينة عاصمة الاسلام , تكون عرضة لغزو المشركين والكافرين.
وهكذا كان عليه السلام يتدخل تدخلا ايجابيا موجها في سبيل ان يقاوم المزيد من الانحراف والضياع ويطيل عمر التجربة الاسلامية .


3- حاول علي عليه السلام ان يحافظ على الامة الاسلامية من خلال المعارضة ، أي تهديد الحكام ومنعهم من المزيد من الانحراف وذلك حينما يكون الحاكم منحرفا ولا يقبل التوجيه , أي ان الحاكم المنحرف يحتاج الى معارضة لايقافه عند حده , فهذه المعارضة تعني المحافظة على الامة الاسلامية من الانهيار بعد سقوط التجربة ، حيث ان المسلمين لم يعيشوا التجربة الصحيحة للاسلام او ابتعدوا عنها , والتوجيه وحده لايكفي ، لذلك كان لابد من المعارضة للزعامات المنحرفة ، وهذا ما حدث في خلافة عثمان بن عفان .
والامر الذي لابد ان نقوله ان عليا عليه السلام بمعارضته وحكمه لم يكن هدفه انقاذ الشيعة فقط بل كان يبغي انقاذ مجموع الامة شيعة وسنة ويحصن المسلمين جميعا , فعليعليه السلام اصبح اطروحة ومثل اعلى ومنارا للاسلام الحقيقي ، فالمسلمين جميعا كانوا ينظرون اليه انه المثل الاعلى والرجل الصحيح الحقيقي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق